موعضة: نصيحة ووصية بالخير واجتناب الشر. شفاء لما في الصدور: دواء للنفوس.
بعد ان ذكر الله تعالى الادلة على أسس الدين الثلاثة: الوحدانية، والرسالة والبعث، ذكر هنا القرآن الكريمَ وما فيه من مقاصد هامة أجملَها في أمور اربعة:
﴿ياأيها الناس قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي الصدور وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾.
يا أيها الناس جاءكم على لسانِ الرسول الكريم كتابٌ جامع لكل ما تحتاجون اليه.
١- موعظة تصلح اخلاقكم واعمالكم.
٢- شفاء لأمراض قلوبكم من الشِرك والنفاق.
٣- الهِداية الواضحة الى الصراط المستقيم الذي يوصل الى سعادة الدارين.
٤- ورحمة للمؤمنين من رب العالمين.
﴿قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾.
قل لهم أيها الرسول: إفرحوا بفضلِ الله عليكم ورحمتِه بكم بإنزال القرآن، وبيانِ شريعةِ الإسلام. ان هذا خير من كل ما يجمعه الناس من متاع الدنيا، لأنه هو سببُ السعاد في الدارَين.
وقد نال المسملون في العصور الأولى بسببه المُلْكَ الواسع والمالَ الكثير، لكنّهم تأخرون الآن لبُعدهم عن القرآن والدين، لانشغالِهم بالدنيا ومتاعها، نسأل الله تعالى ان يردّنا إلى ديننا، ويلهمنا الصوابَ في القول والعمل.
قراءات:
قرأ رويس عن يعقوب: «فلتفرحوا» بالتاء والباقون «فليفرحوا» بالياء. وقرأ ابن عامر ورويس: «تجمعون» بالتاء والباقون «يجمعون» بالياء.
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ الله لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً﴾.
قل ايها الرسول لهؤلاء المشركين: أخبروني عن الرِزق الذي منحكم الله إياه، حلالاً طيبا، لكنكم جعلتم بعضهَ بعضهَ حراماً وبعضه حلالاً، فلماذا؟
وكان العرب في الجاهلية يحرّمون على أنفسهِم بعضَ الإبل وغيرها، ويجعلون بعضَها للذكور منهم خاصة. وقد تقدم بيان ذلك في سورة الانعام.
﴿قُلْءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ﴾.
قل لهم أيها الرسول: إن حقّ التحريم والتحليل لا يكون الا لِله، فله أذِنَ لكم بذلك، ام أنكم تكذبون في ذلك!؟.
وبعد ان سجل الله تعالى عليهم جرمة افتراء الكذب على الله، بين هنا ما يكون من سوء حالهم وشدة عقابهم يوم القيامة فقال: ﴿وَمَا ظَنُّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب يَوْمَ القيامة﴾.
أيظن اولئك الذين يكذبون على الله أنهم يتركون بلا عقاب على كذبهم وافترائهم؟ وهذا ينافي العدالة. والله تعالى يقول: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كالمفسدين فِي الأرض أَمْ نَجْعَلُ المتقين كالفجار؟﴾ [ص: ٢٨].
﴿إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ﴾ ان الله تعالى قد انعم على الناس نعما كثيرة من فضله، ولكن أكثرهم لا يشركون الله عليها.
اخرج البخاري والطبراني عن زهير بن ابي علقمة قال: «اذا آتاك الله مالا فليرَ عليك، فان الله يحب ان يرى أثره على عبده حسنا، ولا يحب البؤس ولا التباؤس».


الصفحة التالية
Icon