في جو السماء: الجو: الفضاء ما بين السماء والارض، سكنا: مسكنا. يوم ظعنكم: وقت ترحالكم وتنقلكم وسفركم. الاثاث: فرش البيت. متاعا: ما يتمتع وينتفع به في المتجر والمعاش. ظلالا: ما يستظل به. اكنانا: واحدها كن وهو كل ما يقي الحر كالبيت والكهف وغيره. سرابيل: واحدها سربال وهو القميص او الثوب. وساربيل الحرب الدروع. البأس: الشدة عند الحرب.
﴿والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
وهذه المنن التي يذكرها ربُّنا يَعْرِ ض فيها مثلاً من حياة البشر تعجِز عنه قُواهم، ويعجز عنه تصوُّرُهم، وهو يقع كل يوم. إن الله تعالى يُخرجكم ايها الناس من بطون أمهاتكم لا تدرِ كون شيئاً مما يحيط بكم، ثم أعطاكم السمعَ والبصرَ والأفئدة. وقد ثبت للباحثين اليومَ أن حاسّة السمع تبدأ مبكرة جدّاً في حياة الطفل في الأسابيع القليلة الأولى، اما البصر فيبدأ في بالشهر الثالث، تركيز الإبصار إلا بعدَ الشهر السادس، وأما الفؤاد وهو الإدراك والتمييز- فلا يتم إلا بعد ذلك. وهكذا فالترتيبُ الذي جاء به القرآن هو ترتيبُ ممارسة الحواس.
وهذه الاجهزة: السمع والبصر والافئدة، في الإنسان من أعجب العجب في تركيبها وعملها وأداء وظيفتها، ومن أكبرِ الأدلة على وجو الخالق القدير، وهي وسائل للعمل والإدراك، لتؤمنوا بالله، وتشكروه على ما تفضل عليكم.
ثم بعد ذلك نبّه عبادَه الى دليلٍ آخر من آثار القدرة الالهية يراها الناس كلَّ يوم فلا يتدبرونها، فقال:
﴿أَلَمْ يَرَوْاْ إلى الطير مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السمآء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الله إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.
الم ينظر المشركون الى الطير سابحاتٍ في الهواء، بما زوّدها الله به من أجنحةٍ أوسعَ من جسمِها تبسطها وتقبضها، وسخّر الهواء لها، فما يمسكهن في الجو الا الله بالنظامِ الذي خلَقها عليه، ان في النظر إليها والاعتبار بحمة الله في خلْقها، لدلالةً عظيمة ينتفع بها المؤمنون.
ولقد اخترع الانسان الطائرة وغيرها مما تطير في الفضاء، وقد انتفع بالطير وآلاته، وانه لَعملٌ جبّار ولكنه لا يزال غير أمين، ولا تزال تحفّ بالراكبين الاخطار، كما جعلوا القسم الاكبر منها للحرب والتدمير.
قراءات:
قرأ ابن عامر وحمزة وخلف ويعقوب: «الم تروا» بالتاء والباقون بالياء.
﴿والله جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ الأنعام بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إلى حِينٍ﴾.
ومن نِعمه تعالى عليكم أن جعلكم قادرين على إنشاء بيوت لكم تتخذونها مساكن لكم فيها وتطمئّنون فيها بأمنٍ وسلام، وجعل لكم من جلودِ الأنعام بيوتاً تسكنون فيها وتنقلونها بخفّةٍ وسرعة في أسفاركم وتنقّلكم، كما تتخذون من صوفها ووبرها وشعرها فُرُشاص ولباساً تتمتوعون بها في هذه الدنيا الى حين آجالكم.


الصفحة التالية
Icon