ثم ختم الله تعالى هذه السورة المباركة باربع آيات فيها مثال الكمال، وجماع الاخلاق الفاضلة والتسامح والصبر، والحثّ على التحمل، ووعد بأننا اذا تحلّينا بهذه الاخلاق فانه سيكون معنا وينصرنا ويوفقنا.
ادعُ يا محمد الى دين ربك بالحكمة، والقول اللطيف بالموعظة الحسنة، وجادل من يخالفك بالتي هي احسن، وان اردتم عقاب من يعتدي عليكم ايها المسلمون فخذوا حقكم بان تعاقبوا بمثل ما فعل بكم، وتأكدوا انكم ان صبرتم وتسامحتم ولم تقتصوّوا لانفسكم فإنه خير لكم في الدنيا والآخرة، لما في ذلك من ضبط النفس واستجلاب القلوب. عاقِبوا لأجل الحق، ولا تعاقبوا لأجل انفسكم.
ثم يلتفت الخطاب الى رسول الله ﴿واصبر وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ﴾.
فلا يأخذك الحزن لان الناس كلهم لا يهتدون، فانما عليك واجب اداء الرسالة، اما الهدى والضلال فهما بيد الله، ولا يضيق صدرك من مكرهم وتدبيرهم، فالله كافيك اذاهم، وناصرك عليهم. وقد وفى بوعده.
قراءات:
قرأ ابن كثير واسماعيل: «في ضيق» بكسر الضاد. والباقون: «في ضيق» بفتح الضاد.
ثم تأتي الختمة الحسنة في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الله مَعَ الذين اتقوا والذين هُم مُّحْسِنُونَ﴾.
ان الله مع الذين اتقوا محارمه فاجتنبوها، والذين يحسنون في كل شيء، فأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
نسأل الله تعالى ان يجعلنا منهم، وان يوفق هذه الامة الى الاحسان والتقوى والاتحاد، والحمد لله رب العالمين.