فرقناه: انزلناه مفرقا. على مكث: على مهل وبتأَنٍ يخرّون للاذقان: يسقطون على وجوهه. خفت الرجل بقراءته: لم يرفع صوته با. لاتخافت بها: اقرأها بوضوح.
ولقد انزل الله هذا القرآن قائما بالحق، فنزل ليقر الحق في الارض ويثبته، فالحق مادة، والحق غايته. فأنزلناه مؤيدا بالحكمة الآلهية. وما ارسلناك ايها النبي الا بمشرا من آمن بالجنة، ونذيرا لم نجحد بالنار.
وقد فرقنا هذا القرآن ونلزناهُ منجَّما على مدة طويلة، لتقرأه على الناس على مهل، ليفهموه. نزلناه شيئا بعد شيء تنزيلا مؤكدا لا شبهة فيه.
ثم هدد الله تعالى اولئك الجاحدين على لسان نبيه بقوله:
﴿قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تؤمنوا﴾.
قل لاولئك الضالين اختروا لانفسكم ما تحبون من الايمان بالقرآن وعدمه، ان الذين اوتوا العمل وقرأوا الكتب السابقة، يخرون لله سجدا، شكرا له على انجاز وعده بارسالك، حين يتلى عليهم القرآن، ويقولون في سجودهم:
﴿سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً﴾ ان وعده كان محققا.
ويخرون للاذقان باكين من خشية الله ايتلى عليهم، ويزيدهم ما فيه من العبر والمواعط خشوعا وخضوعا. وهنا موضع سجدة.
قُلْ ايها الرسول هؤلاء المشركين: سموا الله، او سموا الرحمن فبأيّ اسم تمسونه فهو حسن، ثم امر رسوله الكريم ﷺ أن يقرأ بصلاته صلاة متوسطة لا يرفع صوته بها ولا يسر كثيرا.
وتختم السورة كما بدئت بحمد الله وتقرير وحدانيته بلا ولد ولا شريك، وتزيهه عن الحاجة الى الولي والنصير، وهو العلي الكبير.
﴿وَقُلِ الحمد لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي الملك وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مَّنَ الذل وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً﴾.
فالله سبحانه وتعالى غني عن كل معين ان نصير او شريك او ولد، وهو مالك هذا الملك، وهو اكبر من كل شيء، فكبره تكبيرا.


الصفحة التالية
Icon