آياتي: المعجزات، منها العصا واليد البيضاء. لا تنيا: لا تقصرّا، لا تفترا. في ذكري: في تبليغ رسالتي. قولاً لينا: كلاما لطيفا لا عنف فيه ولا خشونة. ان يفرط علينا: ان يعجّل علينا بالعقوبة. والسلام على من اتبع الهدى: السلامة من العذاب لمن آمن وصدق.
بعد ان أجاب الله موسى ما سأله، شرع الكتابُ الكريم يذكر الأوامر والنواهي التي طلب اليه الله ان يقوم بتنفيذها ويؤدي الرسالة على اكمل وجه.
اذهبْ انت وأخوك الى رفعون، مؤيدّين بمعجزاتي التي زودتك بها: العصا واليد البيضاء، وغيرها، كما قال تعالى في الآية ١٠١ من سورة الإسراء: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ ولا تتهاونا في تأديه الرسالة التي حمَّلتكم إياها.
إذهبا الى فرعون معاً وبلِّغاه الرسالة، لأنه طغى وتجبرَّ حتى ادّعى الربوبية ﴿فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى﴾ [النازعات: ٢٤]. وكثيراً ما يخُصُّ فرعونَ بالدعوة لأنه كان متجبرا متألِّهاً، فلو أنه استجابَ للدعوة لآمنَ قومُه جميعا.
ثم أرشدهما كيف يتكونُ دعوتُهما لفرعون بقوله:
﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى﴾.
فكِّلماه بكلامٍ رقيق لين، ليكون أوقعَ في نفسه، لعلَّه يجِيب دعوتكما الى الإيمان، ويخشى عاقبة كفره وطغيانه.
قال موسى وهارون متضرّعَين الى الله: يا ربّنا، إننا نعرف هذا الجبّارَ المتكبر، ونخشى ان يبادرَنا بالأذى والعقوبة، او يزدادَ طغياناً وكفرا.
وهنا يشجّعهما الله تعالى، بأنه معهما. لا تخافا من فرعون، إنني معكما بالرعاية والحفظ، أسمعُ لكل ما يجري في هذا الكون، وأُبصر ما يفعل فرعونُ وغيره، فلا يستطيع ان يُلحق بكما أذى.
اذهبا إلى فرعون فقولا له: إننا رسولان إليك من ربك، جئنا ندعوكَ الى الإيمان به، وسنألك ان تُطلق بني إسرائيل من الأسر والعذاب. وقد أتيناكَ بمعجزةٍ من الله تشهد لنا بصدق ما دعوناك اليه، ﴿والسلام على مَنِ اتبع الهدى﴾.
والسلامةُ والأمنُ نم العذاب على من اتبع رسُلَ ربه، واهتدى بآياته التي ترشد الى الحق.
وان الله قد اوحى الينا ان عذابه الشديد واقع على من كذّبنا واعرض عن دعوتنا.