في هذه الآيات يصوّر الله تعالى حال الكفار:
أولاً: عند احتضارهم يوم الموت، فيقول: إن من اشدِّ الناس ظُلماً أولئك الّذي يفترون على الله الكذب أو يكذّبون بآيات الله. كيف تأييهم رسُل الله لقبض أرواحهم!.
ثم يأتي المشهد الثاني يوم القيامة حيث يدخلون جهنم. كيف يلعن بعضهم بعضاً عندما يتقابلون، وكيف يطلبون العذاب المضاعف!
قراءات:
قرأ الجمهور: «لا تعلمون» بالتاء، وقرأ ابو بكر عن عاصم: «لا يعلمون» بالياء.
﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً...﴾.
لا أحدّ أظلمُ من الذين يفترون الكذبَ على الله، بنسبة الشريك والولد إليه، وادّعاء التحلي والتحريم من غير حُجة، او يكذّبون بآيات الله المُوحى بها فيكتبه أولئك ينالون في الدنيا نصيباً مما قُدّر لهم من الرزق والحياة، حتى اذا جاءهم ملائكة الموت، قال لهم الملائكةُ موبخين إياهم: أين الشركاءُ الّذين كنتم تعبُدون في الدنيا من دون الله! دعوهم يدرأون عنكم الموت؟ فيقولون: لقد بترّأوا منّا وغابوا عنّا. ونحن نشهد على أنفسنا أننا كنّا بعبادتنا لهم في ضلال ظاهر.
﴿قَالَ ادخلوا في أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ...﴾.
يومئذ يقول الله لهؤلاء الكفار: ادخلوا النار منع أممِ من كفّار الجن والإنس، قد مضَت من قبلكم، كلما دخلت جماعةٌ النار ورأت ما حلّ بها من الخِزي لَعَنَتْ سابِقتَها التي اتّخذتها قُدوة لها. حتى اذا تتاعبوا فيها مجتمعين، قال التابعون يذمُّون المتبوعين: ربّنا هؤلاء أضلّونا بتقلِيدِنا لهم، وبتسلُّطهم علينا. إنهم هم الذين صرَفونا عنا لحق، فعاقبّهم عقاباً مضاعفا. وهنا يردّ صاحب العزّة والجلال: لكلٍ منكم عذابٌ مضاعَف، لا ينجو منه أحد، ولا تعلمون شدّته ولا مداه.
﴿وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ....﴾.
إذ ذاك يقول المتبوعون للتابعين: إذا كان الأمر كما ذكرتم من أنا أضلَلْناكم فما كان لكنم علينا أدنى فضلٍ تطلُبون به ان يكون عذابُكم دون عذابنا.
فيقول الله لهم جيمعاً: ذوقوا العذابَ الّذي استوجَبْتُموه بما كنتم تقترفون من كفرٍ وعصيان.
وبهذا ينتهي ذلك المشهد الأليم، ليتبعه تقريرٌ وتوكيد لهذا المصير المؤلم الذي لن يتبدل بقوله تعالى ﴿إِنَّ الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا...﴾.