بوّأْنا لابراهيم مكان البيت: انزلناه فيه، يعني في الحرم. وطهِّر بيتي: اجعله مطَّهرا بالعبادة الصحيحة. للطائين: الذين يدورون حوله. وأذّن في الناس بالحج: ناد الناس للحج وادعهم اليه. رجالا: مشاة. وعلى كل ضامر: جملٌ ضامر وناقة ضامر، قليلة اللحم تتحمل مشاق السفر. فج عميق: طريق بعيد. ليذكروا اسم الله: ليحمدوه ويشكروه. في أيام معلومات: ايام النحر الثلاثة وهي يوم العيد ويومان بعده. بهيمة الانعام: الإبل والبقر والضان. البائس: الذي افتقر واشتدت حاجته. ثم ليقضوا تفثهم: ليزلوا ما علق بهم من اوساخ. وليوفوا نذورهم: يؤدوا ما نذروه. بالبيت العتيق: المسجد الحرام، لأنه أولُ بيتٍ وضع للناس.
﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البيت أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ والقآئمين والركع السجود﴾.
واذكر أيها الرسول لهؤلاء المشركين الذي يصدّون عن سبيلِ الله ودخول المسجد الحرام ويدَّعون انهم أتباع ابراهيم.... اذكُر لهم قصة إبراهيم والبيت الحرام حين أنزلناه فيه وأمرناه باعادة بنائه، وقلنا له: لا تُشرك بي شيئا، وطهّر بيتي من عبادة الاثان لمن يطوف به ويقيم بجواره ويتعبد عنده.
﴿وَأَذِّن فِي الناس بالحج يَأْتُوكَ رِجَالاً وعلى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ﴾
وقلنا له (ابراهيم) : نادِ الناسَ داعياً اياهم الى الحجّ وزيارة هذا البيت الذي أُمرتَ ببنائه يأتويك مشاةً على ارجلهم، وركباناً على كل جمل ضامر وناقة ضامر من كل طريق بعيد.
ثم بيّن السب في هذه الزيارة فقال: ﴿لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسم الله في أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ البآئس الفقير﴾.
نادِهم يا إبراهيم ليحصلوا على منافعَ دينية لهم بأداء فريضة الحج، ومنافعَ دنيوية بالتعارف مع إخوانهم المسلمين والتشاور معهم فيما ينفعُهم في دينهم ودنياهم. (والحجُّ اكبر مؤتمرٍ في العالم، وهو من أعظمِ التجماعت لو عرف المسلمون كيف يستفيدون منه.) وليذكروا اسم الله في أيام النَّحْر ويشكروه ويحمدوه على ما رزقهم ويسّر لهم من الإبل والبقر والغنم، فكلوا منها ما شئتم وأطعِموا الفقراءَ وكلَّ محتاجٍ من البائسين والمحتاجين.
﴿ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بالبيت العتيق﴾.
ثم عليهم بعدَ ذلك أن ينظّفوا أجاسمهم مما عَلِقَ بها أثناء الإحرامِ من آثار العرق وطول السفر، لأن الحاجّ لا يستطيع ان يقصّ شَعره او يقلّم ظافره او يزلَ ما علق به من أدران حتى يتحلّلَ من الإحرام، ثم بعد ذلك يقومون بما عليهم من نُذورِ فيؤدونها، ويطُوفون.