القرن: الأمة، اهل العصر الواحد، والمراد بهم هنا عاد، قوم هود، لقوله تعالى في سورة الاعراف: ﴿واذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾. ارفناهم: وسّعنا عليهم الرزق وجعلناهم في ترف ونعيم. لخاسرون: مغبنون. هيهات: بضعُد ما توعدون وهو البعث والحساب. ليصبحن: ليصيرن. الصيحة: العذاب. غثاء: هو ما يحمله السيل من الاشياء التافهة التي لا يُنتفع بها. بعدا: هلاكا.
﴿ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ....﴾.
ثم أوجدنا من بعد مَهْلَكِ قوم نوحٍ قوماً آخرين هم قومُ عاد، فأرسلْنا فيهم رسولاً منهم هو هود، وقد تقدم الكلام عليهم في سورة هود من الآية ٥٠ الى ٦٥، فقال لهم الرسول: اعبُدوا الله لا إله إلا هو، أفلا تخافون عذابه؟ فقال زعماء قومه من الذين كفروا وكذّبوا بالحياة الآخرة، وقد وسَّعنا الرزقَ في هذه الحياة: ما هذا الا بشر مثلكم. ولئن أطعتُم بشَر مثلكم إذنْ أنتم خاسرون. وهذا يَعِدكم أنكم إذا متُّم وصِرتم تراباً وعظاماً بالية أنكم بعد ذلك لَمبعثون من جديدٍ، ومحاسَبون على ما قدّمتم من اعمال. وذلك غير معقول، هيهاتَ هيهاتَ لِما توعَدون. ليس هناك الا حياة واحدة هي هذه الحياة الدنيا التي نجد فيها الموت والحياة، ولن نُبعث بعد الموت أبدا.
وما صاحبكم هذا الا رجلٌ كذب على الله، وادّعى أنه أرسله، وكذَب فيما يدعو اليه، ولن نصدّقه ابدا.
قال هود بعد ما يئس ما إيمانهم: ربّ انصُرني عليهم وانتقمْ منهم، بسبب تكذيبهم لدعوتي. قال الله له مؤكدا وعده: سيندمون بعد قليلٍ على ما فعلوا عندما يحلُّ بهم العذاب.
فأخذتْهم صيحةٌ شديدة أهلكتهم، وجعلناهم كالغُثاء الذي يجرُفُه السيِّل، فبُعداً للقوم الظالمين.