إفكهم: كذبهم. اصطفى البنات: اختار لنفسه البنات. سلطان: حجة. لمحضَرون: لمجلوبين للعذاب.
اسأل قومك ايها النبي، مؤنّباً لهم، كيف جعلوا له البنات، ولهم البنين؟ ومن الذي قال ان البنين افضل من البنات؟ واذا كانت البنات اقل رتبة من البنين كما يزعمون فكيف جعلوا لله البنات واستأثروا لأنفسهم بالبنين؟ وكل هذا غير وارد، لأن الله تعالى لم يلد ولم يولد... ثم هناك اسطورة اخرى ينفيها الله تعالى وهي قولهم إن الملائكة إناث، فهل شهدوا ولادتهم؟ ان اكبر فرية لهم قولهم ان الله تعالى له ولد، وهذا من كذبهم الواضح وإفكهم. وكيف يختار البنات على البنين؟ ومثلُ هذا قوله تعالى: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بالبنين واتخذ مِنَ الملائكة إِنَاثاً؟ إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً﴾ [الاسراء: ٤٠].
﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾
ماذا أصابكم حين حكمتم بلا دليل، ومن اين تستمدون الدليلَ على الحكم المزعوم؟ ﴿أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ؟﴾ افلا تتذكرون..
ثم زاد في توبيخهم وطالبهم ببرهان يؤيد صحة ما يدّعون بقوله:
﴿أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾
هل عندكم حجةٌ واضحة تبرهن على أقوالكم؟ إذا كان عندكم حجة فأتوا بكتابكم ان كنتم صادقين فيما تقولون وتفترون.
واكنوا يزعمون ان الملائكة بنات الله، ولدتْهم له الجنّ، ولذلك يردّ الله عليهم كذبهم وافتراءهم وينزه نفسه عن هذا الافك بقوله:
﴿وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنة إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾
ان الجانّ يعلمون أنهم محضَرون يوم القيامة للحساب والجزاء.
﴿سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ﴾ تنزه الله عما يذكره المفترون.
ثم يستثنى من الجن الذين يحضَرون للعذاب أولئك المخلصين المؤمنين بقوله: ﴿إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين﴾ فانهم براءُ مما يصفه الكافرون، فهؤلاء المخلصون ناجون يوم القيامة، مكرمون عند الله، يثيبهم على إيمانهم واخلاصهم بأحسن ما كانوا يعملون.