مآب: مرجع. جنات عدْن: جنات الاقامة والاستقرار. قاصرات الطرف: عفيفات. أتراب: متساويات في الأعمار. فبئس المهاد: فَسَاء الفراش. الحميم: شدة الحرارة، غسّاق: ما يسيل من صديد اهل النار. من شكله: من مثله. ازواج: الون. فوج: جمع كثير. لا مرحبا بهم: غير مرغوب فيهم، ولذلك لا يرحب بهم. زاغت عنهم: مالت عنهم.
هذا الذي قصصّنا عليك أيها النبي، نبأَ بعض المرسَلين - تذكير لك ولقومك، وان الله اعطى المتقين حسن المرجع إليه، حيث أعدّ لهم جناتِ عدْنٍ أبوابُها مفتحة اكراما لهم، يجلسون فيها متكئين على الأرائك مسرورين، يتمتعون فيها بأطيب انواع الفواكه، وخير الشراب، وعندهم ازواجهم من الحور العِين القاصراتِ الطرف الفيفات، متساويات في العمرُ، على خير ما يرام من الوفاق والسعادة والسرور.
﴿هذا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الحساب﴾ أيها المؤمنون المخلصون، وهو بعض عطائنا الذي لا ينفد ولا ينتهي.
ثم بعد ان وصف ثواب المتقين وما أعدّ لهم، أردفه بوصف عقاب الطاغين، فقال: ان هذا النعيم لهو جزاء المتقين، وان للطاغين المتمردين لشر عاقبة، وسوء منقلب.
﴿هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾
هذا حميم بالغ الحرارة وصديدٌ من نار جهنم، فليذوقوه. ولهم عذاب آخر في أشكال متعددة وانواع متشابهة في شدتها وقسوتها.
ويقال للطاغين وهم رؤساء المشركين: هذا جمعٌ كثير داخلون النار معكم يقتحمونها فوجا اثر فوج، وهم اتباعكم، فيقول هؤلاء الرؤساء: ﴿لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النار﴾ وداخلون فيها غير مرحَّب بهم.
ثم يرد عليهم الداخلون من الاتباع ويقولون لهم: ﴿بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ﴾ لأنكم الذين قدّمتم لنا هذا العذاب بإغرائكم لنا ودعوتنا الى الكفر، ﴿فَبِئْسَ القرار﴾ لكم في جهنم.
ثم يزيد الأتباع بدعائهم على رؤساء الضلال قائلين: يا ربنا، من تسبّب لنا في هذا العذاب فزدْه عذابا مضاعفا في النار. وفي سورة الاعراف ٣٨ ﴿رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النار قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ﴾ وكذلك قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العذاب والعنهم لَعْناً كَبِيراً﴾ [الاحزاب: ٦٧، ٦٨].
ثم يتساءل اهل الكفر في النار عن الذين آمنوا من الضعفاء وفقراء المسلمينن فيقولون: ما لنا لا نرى رجالاً كنّ نعدّهم في الدنيا من الاشرار الذي لا خير فيهم، وقد كنّا نسخَر منهم في الدنيا ونهزأ بهم فأين هم؟ ام ان اعيننا زاغت عنهم فلا نراهم!.
ثم يبين الله تعالى ان هذا التساؤل وهذا الكلام والتخاصم مع بعضهم البعض حقٌّ يوم القيامة لا مرية فيه فيقول: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النار﴾.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وابو عمرو: اتخذناهم على الاخبار، وقرأ الباقون: أتخذناهم بفتح الهمزة على الاستفهام. وقرأ نافع وحمزة والكسائي: سُخريا بضم السين، والباقون بكسرها، وهما لغتان.
وقرأ ابن كثير وابوعمرو: هذا ما يوعدون بالياء. والباقون: بالتاء.