بالكتاب: بالقرآن. يُسحبون: يجرون. في الحميم: في الماء الحار. يُسْجَرون: يحرقون. ضلوا عنا: غابوا عنا. تفرحون: تبطرون وتسرّون. تمرحون: تختالون من شدة الفرح. المثوى: مكان الاقامة.
الم تنظر أيها الرسول الى هؤلاء الجاحدين كيف يجادلون في آيات الله الواضحة، ويحاولون أن يبطلوها، وكيف يُصرفون عن النظر فيها، ويصرّون على ضلالهم. لقد كذّبوا بالقرآن، وبما ارسلنا به رسُلَنا دميعا، فسوف يرون جزاء تكذيبهم حين تكون الأغلال في رقابهم يُجرون بها في الماء الحار، ثم يُحرقون في نار جهنم، ثم يقال لهم: اين ما كنتم تعبدون من دون الله؟ فيقولون: لقد غابوا عنا ﴿بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً﴾ بل تبيَّن لنا أننا لم نكن نعبد في الدنيا شيئا يُعتد به. وكما أضل الله تعالى هؤلاء، كذلك يضلُّ الكافرين.
وهذا الذي فعلنا بكم اليوم من شديد العذاب انما هو جزاء بسبب ما كنتم تفرحون وتبطرون وتتكبرون في الارض بغير الحق، وما كنتم تتمتعون به وتمرحون. ادخلوا ابواب جهنم خالدين فيها فبئس منزل المتكبرين.
ثم امر رسوله بالصبر على أذاهم وتكذيبهم، وأكَّدَ ان وعد الله له بهلاك الكافرين حق، وسيأتيهم هذا العذاب إما في حياتك يا محمد او حين يرجعون الينا، او نتوفينك قبل ان تراه، ﴿فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ جميعا فنجازيهم بما كانوا يعملون.
ثم يسلي الرسولَ الكريم ومن معه بقوله تعالى:
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾
وتقدّم مثل هذا النص في سورة النساء: ١٦٤.
﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾
يبين الله تعالى ان الرسلَ بشرٌ مكلفون بالتبشير والانذار وتعليم الناس، أما لمعجزات فهي بأمر الله وحسب مقتضى حكمته. ولا يمكن لرسول ان يأتي بمعجزة الا بأمر الله ومشيئته. فاذا جاء أمر الله بالعذاب في الدنيا او الآخرة قضى بين الناس بالعدل.
﴿وَخَسِرَ هُنَالِكَ المبطلون﴾
ولم يعد هنا كمجال للتوبة ولا للرجعة إلى الدنيا.