استقاموا: ثبتوا على الايمان والعمل الصالح. أولياؤكم: نصراؤكم. ما تدعون: ما تطلبون. نزلاً: ضيافة حسنة. ادفع بالتي هي أحسن: رُدَّ الاساءة باللين والحسنى. وليّ حميم: صديق عزيز. وما يلقّاها: وما يعمل هذا العمل ويتحمله. الا ذو حظ عظيم: الا ذو نصيب وافر من الخير. ينزغنَّك: يوسوسنَّ لك ويغرينك بالشر. فاستعذ بالله: التجئ اليه.
هذه الآيات الكريمة دستورٌ عظيم في الأخلاق، وحسن المعاشرة، وكيفية الدعوة الى الله والتحلّي بالصبر والأناة، ولو أننا اتبعناها حقا، ولو أن وعّاظنا وأئمة مساجدنا تحلَّوا بها وساروا على هديها - لنفع الله بهم الناس، وهدى الكثيرَ الكثير منهم على أيديهم، ولاستقامت الأمور، وارتقت أحوالنا، هدانا الله الى التحلّي بكل مكرمة.
ان الذين قالوا ربنا الله اعترافاً بربوبيته وإقراراً بوحدانيته، ثم استقاموا في أعمالهم - أولئك تحفّهم الملائكة، وتبشّرهم بالفلاح والفوز بالجنة التي وعدَهم بها الله، وهو يقول لهم: نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا بالتأييد، وفي الآخرة بالشفاعة والتكريم، ولكم في الجنة ما تشتهي أنفسكم وكلّ ﴿مَا تَدَّعُونَ﴾ أي ما تطلبون من الطيِّبات ضيافةً لكم من الله الغفور الرحيم.
ثم بين الله تعالى صفة الداعي الى الله بالأقوال الحسنة والعمل الصالح ليكون قدوةً ويقرّ بأنه من المسلمين المخلصين. وبعد ذلك أعقب بالدعوة الى حسن المعاملة بين الناس فقال:
﴿وَلاَ تَسْتَوِي الحسنة وَلاَ السيئة﴾
ولا تستوي الخَصلة الحسنة مع الخَصلة القبيحة، ادفعْ ايها المؤمن الاساءة ان حاءتك بالقول الحسن والِّين، فاذا فعلتَ ذلك انقلب العدوُّ صديقاً حميما، وناصرا مخلصا.
﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الذين صَبَرُواْ﴾
وما يتحلى بهذه الأخلاق العالية الا الصابرون ﴿وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ وما يُرزقها إلا ذو نصيب عظيم من خِصال الخير والكمال.
وان يصبْك من الشيطان وسوسةٌ فاستعذْ بالله، إن علمه محيطٌ بكل شيء.