بمستيقنين: بمحقِّقين. وبدا لهم سيئات ما عملوا: ظهر لهم عيوب اعمالهم السيئة. وحاق بهم: احاط وحلّ بهم. ننساكم «نترككم ونهملكم، كما نسيتم: كما تركتم واعرضتم عن آيات الله وانكرتم لقاء ربكم في هذا اليوم. لا يُستعتبون: لا تُطلب منهم العتبى والاعتذار. الكبرياء: العظمة والسلطان.
واذا قال لكم رسول الله: ان وعدَ الله ثابت، وان يوم القيامة لا شكّ فيه، قلتم: ما نعلم ما هي الساعة وما حقيقة القيامة، وما عِلمُنا بذلك الا ظنّ، وما نحنُ بموقنين أنها آتية.
وظهرت لهم قبائح أعمالهم التي عملوها في الدنيا، ونزل بهم جزاءُ استهزائهم بآياتِ الله، ويقال لهؤلاء المشركين: اليومَ نترككم في العذاب وننساكم فيه، كما تركتم العملَ للقاءِ يومكم هذا، ﴿وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ﴾ ينصرونكم اليوم.
فالله تعالى جمع لهم ثلاثة ألوان من العذاب: قطْع الرحمة عنهم، وجعلِ مأواهم النار، وعدم وجود من ينصرهم، وذلك لأنهم أصرّوا على إنكار الدين الحق، واستهزؤا بالله ودينه ورسله، واستغرقوا في حب الدنيا. وهذا معنى قوله تعالى: ﴿ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتخذتم آيَاتِ الله هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الحياة الدنيا فاليوم لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ﴾
لا يخرجون من النار بل يخلَّدون فيها، ولا هم يُردُّون الى الدنيا، ولا يُطلب منهم ان يسترضوا الله ويتوبوا.
وبعد هذا الاستعراض فيما حوته السورة من آلائه واحسانه، وما اشتملت عليه من الدلائل على قدرته بدءَ الخلق واعادته - أثنى الله على نفسه بما هو أهلٌ له فقال:
﴿فَلِلَّهِ الحمد رَبِّ السماوت وَرَبِّ الأرض رَبِّ العالمين وَلَهُ الكبريآء فِي السماوات والأرض وَهُوَ العزيز الحكيم﴾.
فلله وحده الحمد والثناء، خالق هذا الكون بما فيه، وله وحده العظَمة والسلطان في السموات والأرض، وهو العزيز الذي لا يُغلب، ذو الحكمة رب العرش العظيم.