ما يهجعون: ما ينامون. الأسحار: أواخر الليل. وفي أموالهم حق: نصيب. للسائل: للطالب. المحروم: المتعفف الذي لا يسأل. يُطلق على الواحد والجمع. قوم منكَرون: مجهولون غير معروفين. فراغَ الى أهله: فذهب الى اهله خفية وسرا. فقرّبه اليهم: وضعه بين أيديهم. فأوجس منهم خيفة: أضمر في نفسه الخوف منهم. امرأته: سارة. في صرة: في ضجة. فصكت وجهها: ضربت بيدها على جبهتها. وقالت: عجوز عقيم: أنا كبيرة السن لا ألد.
بعد ان ذكر الكفارَ المنكرينللبعث والزاءِ وما ينتظرهم يومَ القيامة - ذكَرَ هنا حالَ المؤمنين المتقين وما يتمتعون به من النعيم المقيم في جَنّة الخُلد، لأنهم آمنوا وكانوا محسِنين في الدنيا، وكانوا يقيمون صلاةَ الليل ويتهجّدون في معظمِه، ويستغفِرون اللهَ تعالى في وقت الأسحار كما جعلوا في أموالِهم جزءاً للفقراءِ والمساكين، والذين لا يَجِدون ولا يَسالون.
ثم ذَكرَ بعد ذلك بعضَ الآيات الكونية في الأرض والنفس. وفي الأرضِ دلائلُ على وجود الخالق العظيم، وفي أنفسِكم ايها الناسُ كذلك آياتٌ واضحةٌ أفلا تُبصِرون دلالتها؟. وفي السماء أسبابُ رِزقكم، وكذلك ما توعَدون من كل شيء، فاعملوا وتوكّلوا على اللهِ الرزاقِ الكريم ولا تخافوا.
ثم أقصِمَ اللهُ تعالى بعزّته وجلاله ان البعثَ حقٌّ ﴿مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ فلا تشكّوا فيه، يعني أن بَعْثَ الناسِ يومَ القيامة حقٌّ كأنكم تسمعون وترون.
ثم تطرّقَ إلى قصة إبراهيم مع ضيوفه، تسليةً لرسوله الكريم. وقد تكرر ذكر ابراهيم كثيراً لأن النبيَّ على دينه، ولأنّ قريش كانت تقول إنّهم على دِين إبراهيم.
هل علمَت يا محمد قصةَ الملائكة، ضيوفِ إبراهيم، الذي وفدوا عليه فأكرمهم وهو لا يعرفُهم، ولذلك قال لهم: ﴿سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾ مجهولون لنا لا نعرفهم.
ثم أسرع إبراهيم الى أهله خِفية وقدّم لضيوفه عجْلا سمينا مشويّا، فقرّبه إليهم، فلم يأكلوا منه، فقال منكِرا لحالهم: ألا تأكلون؟ ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ خافَ منهم في نفسِه، ظناً منه ان امتناعَهم عن الأكل إنما كان لشرّ يريدونه.
﴿قَالُواْ لاَ تَخَفْ﴾ وطمأنوه بقولهم: لا تخفْ منا، إنا رسُل ربك إلى قوم لوطٍ، كما جاء في قوله تعالى: ﴿لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هود: ٧٠].
ثم زادوا طمأنتهم له: فقالوا: أبْشِر يا إبراهيم بغلامٍ عليم. هذا هو ابنه اسحاق من زوجته سارة. فلمّا أقبلت سارة وفوجئت بالبِشارة صاحت وضربت بيدها على جبينها، وقالت: أنا عجوز عقيم فكيف ألِد؟ كما جاء واضحاً في سورة هود ٧٢ ﴿قَالَتْ ياويلتى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وهذا بَعْلِي شَيْخاً﴾ ﴿قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الحكيم العليم﴾
كذلك قضى ربك بحكمتِه، إنه هو الحكيم في كل ما يقضي، العليم الذي لا يخفى عليه شيء.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وابو بكر: انه لحقٌّ مثلُ ما انكم تنطقون برفع مثل، والباقون: مثلَ بالنصب.