انبئكم: أخبركم. كل أفّاك: كل كذاب، أثيم: مجرم كثير الذنوب. يُلقون السمع: يصغون اشد الاصغاء الى الشياطين، فيتلقون منهم. الغاوون: الضالون. في كل واد يهيمون: في كل مكان يسيرون وراء خيالاتهم. أيّ منقلَب: اي مرجع ومآب.
لقد اتهمت قريش النبيَّ ﷺ ان الشياطين هي التي توحي اليه القرآن، فردّ عليهم ان الشياطين لا تُنَزل على الانبياء، بل على الكذّابين الآثمين المنحرفين الذين تلقي اليهم الإفكَ والكذب، وهم كاذبون يختلقون من عندهم ما يقولونه لأتباعهم. وأنّ الشعراء يتّبعهم الضالون الحائدون عن الطريق القويم، ألم تَرَ أنهم يجرون وراء خيالهم في ضروب من القول، ويقولون ما لا يفعلون!
ولما وصف الشعراء بهذه الاوصاف الذميمة استثنى منهم المؤمنين المتصفين بالصفات الحميدة من الايمان، والعمل الصالح، والقول الصادق، وعدمِ هجاءِ الناس واختلاق الاقوال السيئة مثلَ حسّان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك وغيرهم رضوان الله عليهم. والى هذا اشار بقوله تعالى:
﴿إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَذَكَرُواْ الله كَثِيراً وانتصروا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ﴾.
روى ابن جرير: «انه لما نزلت هذه الآية جاء حسّان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب ابن مالك الى رسول الله ﷺ وهم محزونون وقالوا: قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء، فتلا النبي قوله تعالى: ﴿إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ وقال: انتم. ثم تلا ﴿وَذَكَرُواْ الله كَثِيراً﴾ وقال: انتم. ثم ﴿وانتصروا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ﴾ وقال: انتم.... يعني بردّهم على المشركين، ثم قال لهم رسول الله:» انتصِروا ولا تقولوا إلا حقا، ولا تذكروا الآباء والامهات «
ثم ختم الله السورة بالتهديد العظيم، والوعيد الشديد للكافرين فقال:
﴿وَسَيَعْلَمْ الذين ظلموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾
سيعلم الظالمون أي مصيرٍ ينتظرهم من الهلاك والشرّ والعذاب.