ثم زاد الحثّ على الانفاق باسلوب لطيف فقالك
﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون﴾.
والسعيدُ منكم أيها الناس هو الذي يتغلب على نفسه ويتقي بُخْلَها الشديد، فينفق في سبيل الله، وفي سبيل وطنه وأمته، فيكون من المفلحين في الدنيا والآخرة.
ايها الناس، ان الاغنياء في الغرب يُنفقون معظم ثرواتهم على عمل الخير، على البحث العلمي الذي هو مفقود عندنا، وعلى المستشفيات والجامعات والمصالح الخيرية. والاغنياء عندننا ينفقون على أنفسِهم ويبذّرون اموالهم في الأعراس والحفلات التي تُغضب الله، وعلى ملذاتهم وشهواتهم ومقامراتهم ومغامراتهم مما لا يجدي نفعا. ﴿إِنَّ المبذرين كانوا إِخْوَانَ الشياطين﴾ [الإسراء: ٢٧].
ثم تلطف جلّ جلاله وبالغ في الحث على الانفاق بقوله تعالى:
﴿إِن تُقْرِضُواْ الله قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾.
هل يوجد أجملُ من هذا الاسلوب! والله تعالى هو الغني، له كل ما في السموات والارض، ولكنه يطلب ان نجود بالمال على الفقراء والمحتاجين، في بناء مجتمعنا وفي سبيل الله حتى سمى ذلك قَرضا.. وهو الغنيّ عن العالمين. والله يضاعف للمنفق الحسنةَ بعشرة أمثالها الى سبعمائة ضعف، ويغفر لكم ما فَرَطَ من ذنوبكم، والله عظيم الشكر والمكافأة للمحسنين، حليمٌ فلا يعجّل بالعقوبة على المذنبين.
﴿عَالِمُ الغيب والشهادة العزيز الحكيم﴾
ختم هذه السورة الكريمة بأحسنِ ختام وألطفِ تعبير، وهو ذو العزة والقدرة يضع كل شيء في موضعه، ويصرّف كل شيء بأمره وحكمته وتدبيره.