وفي الحديث الصحيح عن معاذ بنِ جبلٍ رضي الله عنهـ قال: قال رسولُ الله ﷺ ألا أخبركَ برأس هذا الأمرِ وعمودِه وذِروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: رأسُ الأمر الاسلام، وعمودُه الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: الا اخبرك بمَلاكِ ذلك كلّه؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: كفَّ عليك هذا، وأشار الى لسانه. قلت: يا نبيّ الله الا حصائدُ ألسِنتهم؟ رواه الامام احمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
﴿وَهَدَيْنَاهُ النجدين﴾
بيّنا له طريقَ الخير والشر ليختارَ أيهما شاء، ففي طبيعته هذا الاستعدادُ المزدوج لسلوك أيّ النجدين..
﴿فَلاَ اقتحم العقبة وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ﴾.
هلاّ أنفقَ مالَه في سبيل الله حتى يجتازَ العقبة الصعبة، وما أدراك ما هو اقتحامُ العقبة؟ هو انفاقُ المال في تحريرِ الأرقاء، واطعامُ الطعام في أيام المجاعة - وأَولى الناس بالمواساة هم الايتام من الاقارب - وإطعامُ المساكين الذي عجزوا عن الكسْب حتى كأنهم لصقوا بالتراب من العجز والفقر.
﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بالصبر وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة أولئك أَصْحَابُ الميمنة﴾.
ثم ان هؤلاء الذين يقتحمون العقبة بإنفاق أموالهم في وجوه البرّ والإحسان يكونون من المؤمنين الذين يعملون الخير، ويوصي بعضُهم بعضاً بالصبر والرحمة.. يرحمون عبادَ الله ويواسُونهم ويساعدونهم.
﴿أولئك أَصْحَابُ الميمنة﴾
فهؤلاء هم أصحابُ اليمين، مآلهم الجنة في مقعدِ صِدقٍ عند مليك مقتدِر.
أما الذين جحدوا واغتَرّوا باموالهم وأنفسِهم وكفروا بالرسالة فمآلهم كما يقول:
﴿والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ المشأمة عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةُ﴾
أما الكافرون الجاحدون فهم أصحابُ الشِّمال، وهم في نار جهنم في سَمومٍ وحميم، عليهم نارُ جهنم مغلَقة مطبَقَة خالدين فيها أبدا.
قراءات:
قرأ ابن كثير وابو عمرو والكسائي: فكَّ رقبةً، أو أطعمَ والباقون: فَكُّ رقبةٍ أو اطعامٌ بالتنوين. وقرأ ابو عمرو وحمزة وحفص: مؤصدة بالهمزة، والباقون موصدة بدون همزة.


الصفحة التالية
Icon