نتخطف: نسلب بلدنا ونقتل. يُجبى اليه: يجلب اليه. بطِرت معيشتَها: بغت وتجبّرت وكفرت بالنعمة. أمها: اكبرها، عاصمتها. من المحضَرين: الذين يحشرون للحساب والجزاء. وقد تكرر هذا التعبير في القرآن: ﴿لَكُنتُ مِنَ المحضرين﴾ [الصافات: ٥٧]. ﴿فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ [الصافات: ١٢٧] ﴿فأولئك فِي العذاب مُحْضَرُونَ﴾ [الروم: ١٦] [سبأ: ٣٨].
﴿إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين﴾
يقرر جمهور المفسرين ان هذه الآية نزلت في ابي طالب، فقد ورد في الصحيحين أنها نزلت فيه. وروي عن ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة أنها نزلت في أبي طالب. ففي الصحيحين من حديث الزهري عن سعيد بن المسيّب: «لما حضرتْ أبا طالبٍ الوفاةُ جاء رسول الله ﷺ فوجد عنده أبا جهل وعبدَ الله بن أمية بن المغيرة، فقال رسول الله: جاء رسول الله ﷺ فوجد عنده أبا جهل وعبدَ الله بن أمية بن المغيرة، فقال رسول الله: يا عم، قل لا اله الا الله، كلمة أحاجّ لك بها عند الله. فقال ابو جهل وعبد الله بن امية: يا أبا طالب، أترغبُ عن ملّة عبد المطلب؟. فكان آخر ما قال: انه على ملة عبد المطلب» وعند الشيعة الامامية الاجماع على ان ابا طالب مات مسلما، والله أعلم.
ومعنى الآية: انك لا تستطيع هداية من أحببتَ من قومك او غيرهم، وانما عليك البلاغ، واللهُ يهدي من يشاء، وله الحكمة بالبالغة في ذلك. ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين﴾.
ثم اخبر سبحانه عن اعتذار كفار قريش في عدم اتّباع الهدى فقال:
﴿وقالوا إِن نَّتَّبِعِ الهدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ﴾
وقال مشركو مكة: إننا نخشى إن اتبعناك على دينك وخالفنا من حولنا من العرب ان يقصدونا بالأذى، ويُجلونا عن ديارنا، ويغلبونا على سلطاننا.
وقد رد الله عليهم مقالتهم فقال:
﴿أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾
إن ما اعتذرتم به غيرُ صحيح، فقد كنتم آمنين في حرمي، تأكلون رزقي، وتعبدون غير، افتخافون اذا عبدتموني وآمنتم بي؟ وقد تفضّل عليكم ربك وأطعمكم من كل الثمرات التي تُجلَب من فِجاج الارض. ولكن اكثرهم جهلةٌ لا يعلمون ما فيه خيرهم وسعادتهم.
قراءات
قرأ الحمهور: يُجبى بالياء وقرأ نافع: تُجبى بالتاء.
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الوارثين﴾
وكثير من القرى أثرى أهلُها فبطِروا وأفسدوا في الأرض فخرّب الله ديارهم واصبحت خاوية لم يسكنها أحدٌ بعدهم الا فترات عابرةً للمارين بها، وورثها الله جل جلاله. ومثلُه قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon