٩٣ - لم يكذب النبى حين أعلن أن القرآن من عند الله، وليس أحد أكثر ظلماً ممن اختلق الكذب على الله، أو قال: تلقيت وحياً من الله، دون أن يكون قد تلقى شيئاً من الوحى. وليس أحد كذلك أشد ظلماً ممن قال: سآتى بكلام مثل ما أنزله الله ﴿ولو تعلم حال الظالمين، وهم فى شدائد الموت. والملائكة ينزعون أرواحهم من أجسادهم فى قسوة وعنف، لرأيت هوْلاً رهيباً ينزل بهم﴾ ويقال لهم حينئذ: الآن تبدأ مجازاتكم بالعذاب المذل المهين، جزاء ما كنتم تقولون على الله غير الحق، وجزاء استكباركم عن النظر والتدبر فى آيات الله الكونية والقرآنية.
٩٤ - ويقول لهم الله يوم القيامة: لقد تأكدتم الآن بأنفسكم أنكم بعثتم أحياء من قبوركم كما خلقناكم أول مرة، وجئتم إلينا منفردين عن المال والولد والأصحاب، وتركتم وراءكم فى الدنيا كل ما أعطيناكم إياه مما كنتم تغترون به ولا نرى معكم اليوم الشفعاء الذين زعمتم أنهم ينصرونكم عند الله، وأنهم شركاء لله فى العبادة ﴿لقد تقطعت بينكم وبينهم كل الروابط، وغاب عنكم ما كنتم تزعمون أنهم ينفعونكم﴾
٩٥ - إن دلائل قدرة الله على البعث، واستحقاقه وحده للعبادة، وبعثه للناس من قبورهم، متوافرة متنوعة، فهو وحده الذى يشق الحب، ويخرج منه النبات، ويشق النوى ويخرج منه الشجر، ويخرج الحى من الميت كالإنسان من التراب، ويخرج الميت من الحى كاللبن من الحيوان، ذلك القادر العظيم هو الإله الحق، فليس هناك صارف يصرفكم عن عبادته إلى عبادة غيره.
٩٦ - هو الذى يشق غبش الصبح بضوء النهار، ليسعى الأحياء إلى تحصيل أسباب حياتهم، وجعل الليل ذا راحة للجسم والنفس، وجعل سير الشمس والقمر بنظام دقيق يعرف به الناس مواقيت عباداتهم ومعاملاتهم.
ذلك النظام المحكم، تدبير القادر المسيطر على الكون المحيط بكل شئ علماً.