١٣١ - ولكن دأب فرعون وأعوانه عدم الثبات على الحق، فسرعان ما يعودون إلى الغدر والمعصية، فهم متقلبون. فإذا جاءهم الخصب والرخاء - وكثيرا ما يكون ذلك - قالوا: نحن المستحقون له لما لنا من الامتياز على الناس، وإن أصابهم ما يسوؤهم كجدب أو جائحة أو مصيبة فى الأبدان والأرزاق، يرون أنهم أصيبوا بشؤم موسى ومن معه، ويغفلون عن أن ظلمهم وفجورهم هو الذى أدى بهم إلى ما نالهم، ألا فليعلموا أن علم شؤمهم عند الله، فهو الذى أصابهم بسبب أعمالهم القبيحة، فهى التى ساقت إليهم ما يسوؤهم، وليس موسى ومن معه، ولكن أكثرهم لا يدرى هذه الحقيقة التى لا شك فيها.
١٣٢ - ولهذه الفكرة السيئة عندهم أصروا على الجحود، وقالوا عند رؤيتهم لآيات موسى: إنك مهما جئتنا بكل نوع من أنواع الآيات التى تستدل بها على حقيقة دعوتك - لأجل أن تصرفنا بها عما نحن عليه من ديننا ومن استعباد قومك - فما نحن لك بمصدقين ولا مذعنين.
١٣٣ - فأنزل اللَّه عليهم مزيدا من المصائب والنكبات: بالطوفان الذى يغشى أماكنهم، وبالجراد الذى يأكل ما بقى من نبات أو شجر، وبالقمل وهو حشرة تفسد الثمار وتقضى على الحيوان والنبات، وبالضفادع التى تنتشر فتنغص عليهم حياتهم وتذهب بصفائها، وبالدم الذى يسبب الأمراض الكثيرة كالنزيف من أى جسم، والدم الذى ينحبس فيسبب ضغطا أو ينفجر فيسبب شللا، ويشمل البول الدموى بسبب البلهارسيا ونحوها، أو الذى تحول إليه ماؤهم الذى يستخدمونه فى حاجات معاشهم، أصابهم اللَّه بهذه الآيات المميزات الواضحات فلم يتأثروا بها، وجمدت قرائحهم وفسد ضميرهم، فعتوا عن الإيمان والرجوع إلى الحق من حيث هو حق، وكانوا قوما موغلين فى الإجرام كما هو شأنهم.
١٣٤ - ولفرط تقلبهم حسب الدواعى، كانوا كلما وقع عليه نوع من العذاب قالوا لشدة تأثيره فيهم وتألمهم به: يا موسى، سل ربك لنا بالذى عهد به إليك أن تدعوه به فيعطيك الآيات ويستجيب لك الدعاء، أن تكشف عنا هذا العذاب، ونحن نقسم لك لئن أزلته عنا لنخضعن، ولنطلقنَّ معك بنى إسرائيل كما أردت.