١٥٥ - ثم أمر اللَّه موسى أن يأتيه فى جماعة من قومه يعتذرون عَمَّن عبدوا العجل، ووعدهم موْعدا، فاختار موسى من قومه سبعين رجلا ممن لم يعبدوا العجل، وهم يمثلون قومه، وذهب بهم إلى الطور، وهنالك سألوا اللَّه أن يكشف عنهم البلاء، ويتوب على من عبد العجل منهم، فأخذتهم فى ذلك المكان زلزلة شديدة غشى عليهم بسببها، وهذا لأنهم لم يفارقوا قومهم حين عبدوا العجل، ولم يأمروهم بالمعروف، ولم ينهوهم عن المنكر، فلما رأى موسى ذلك قال: يا رب لو شئت إهلاكهم أهلكتهم من قبل خروجهم إلى الميقات، وأهلكتنى معهم، ليرى ذلك بنو إسرائيل فلا يتهمونى بقتلهم فلا تهلكنا يا رب بما فعل الجُهَّال منا، فما محنة عبدة العجل إلا فتنة منك، أضللت بها من شئت إضلاله ممن سلكوا سبيل الشر، وهديت بها من شئت هدايته. وأنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا.
١٥٦ - ولأنك يا رب خير من يغفر نسألك أن تقدّر لنا فى هذه الدنيا حياة طيبة، وتوفيقا للطاعة، وفى الآخرة مثوبة حسنة ورحمة، لأننا رجعنا إليك وتبنا إليك، فقال له ربه: عذابى أصيب به من أشاء ممن لم يتب، ورحمتى وسعت كل شئ، وسأكتبها للذين يتقون الكفر والمعاصى من قومك، ويؤدون الزكاة المفروضة، والذين يصدقون بجميع الكتب المنزلة.
١٥٧ - وأخص بها الذين يتبعون الرسول محمدا، الذى لا يكتب ولا يقرأ، وهو الذى يجدون وصفه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل، يأمرهم بكل خير وينهاهم عن كل شر، ويحل لهم الأشياء التى يستطيبها الطبع، ويُحرم عليهم الأشياء التى يستخبثها الطبع كالدم والميتة، ويزيل عنهم الأثقال والشدائد التى كانت عليهم. فالذين صدقوا برسالته وآزروه وأيدوه ونصروه على أعدائه، واتبعوا القرآن الذى أنزل معه كالنور الهادى، أولئك هم الفائزون دون غيرهم ممن لم يؤمنوا به.