١٥٨ - قل - يأيها النبى - للناس: إنى مرسل من اللَّه إليكم جميعا، لا فرق بين عربى وعجمى وأسود وأبيض واللَّه الذى أرسلنى له - وحده - ملك السموات والأرض يدبر أمرهما حسب حكمته، ويتصرف فيهما كيف يشاء، ولا معبود بحق إلا هو، وهو الذى يقدر على الإحياء والإماتة دون غيره، فآمنوا به وبرسوله النبى الذى لا يقرأ ولا يكتب، وهو يؤمن باللَّه الذى يدعوكم إلى الإيمان، ويؤمن بكتبه المنزلة، واتبعوه فى كل ما يفعل ويقول لتهتدوا وترشدوا.
١٥٩ - ومن قوم موسى جماعة بقوا على الدين الصحيح يهدون الناس بالحق الذى جاء به موسى من عند ربه، ويعدلون فى تنفيذه إذا حكموا.
١٦٠ - عدَّد اللَّه نعمه على قوم موسى، فأفاد أنه صيَّرهم اثنتى عشرة فرقة وجعلهم جماعات، وميَّز كل جماعة بنظامها، منعا للتحاسد والخلاف، وأوحى إلى موسى حين طلب منه قومه الماء فى التيه، بأن يضرب الحجر بعصاه، فضربه فانفجرت اثنتا عشرة عينا بعدد الأسباط، وقد عرف كل جماعة منهم مكان شربهم الخاص بهم، فلا يزاحمهم فيه غيرهم، وجعل لهم السحاب يلقى عليهم ظله فى التيه، ليقيهم حر الشمس، وأنزل عليهم المن، وهو طعام يشبه البرد فى منظره، ويشبه الشهد فى مطعمه، وأنزل السلوى، وهو الطير السمانى، وقال لهم: كلوا من مستلذات ما رزقناكم مما أنزلناه عليكم. فظلموا أنفسهم وكفروا بتلك النعم، وطلبوا غيرها، وما رجع إلينا ضرر ظلمهم ولكنه كان مقصورا عليهم.
١٦١ - واذكر - يأيها النبى - لمن وجد منهم فى زمانك، تقريعا لهم بما فعل أسلافهم، اذكر لهم قولنا لأسلافهم على لسان موسى: اسكنوا مدينة بيت المقدس بعد الخروج من التيه، وكلوا من خيراتها فى أية ناحية من نواحيها شئتم، وقولوا نسألك يا ربنا أن تحط عنا خطايانا، وادخلوا باب القرية مع انحناء الرءوس كهيئة الركوع تواضعا للَّه. إذا فعلتم ذلك تجاوزنا عن ذنوبكم، وسنزيد ثواب من أحسنوا الأعمال.