١٧ - إذا كنتم - أيها المؤمنون - قد انتصرتم عليهم، وقتلتم من قتلتم منهم، فإنكم لم تقتلوهم بقوتكم، ولكن الله تعالى هو الذى نصركم وقتلهم بتأييده لكم وإلقاء الرعب فى قلوبهم، وما رميت - أيها الرسول - إذ كنت ترمى التراب والحصا فى وجوههم إفزاعاً لهم، ولكن الله تعالى هو الذى رمى فأفزعهم الرمى، وكان ذلك لينعم الله على المؤمنين نعماً حسنة، منها الابتلاء بالشدة، ليظهر إخلاصهم، وأن الله عليم بأمورهم، سميع لأقوالهم، وكذلك هو عليم بأمور أعدائهم وأقوالهم.
١٨ - ذلك هو النصر العظيم، مع أن الله تعالى مُضْعِفٌ لكل تدابير الكافرين.
١٩ - إن كنتم - أيها المشركون - تتعلقون بأستار الكعبة، طالبين الفصل بينكم وبين المؤمنين، فقد جاءكم الامر الفاصل، وليس نصراً لكم، بل هو نصر للمؤمنين، وإن تعودوا إلى الاعتداء نعد عليكم بالهزيمة، ولن تغنى عنكم جماعتكم المؤتلفة على الإثم شيئاً، ولو كان العدد عندكم كثيراً، فإن الله مع الذين صدقوا بالحق وأذعنوا له.
٢٠ - يا أيها الذين صدَّقتم بالحق وأذعنتم له، قد علمتم أن النصر كان بتأييد الله وطاعة رسوله، فاستمروا على طاعتكم لله وللرسول، ولا تعرضوا عن دعوة الرسول إلى الحق وأنتم تسمعون وتعون ما يقول.
٢١ - ولا تكونوا كالمنافقين الذين قالوا: سمعنا الحق ووعيناه، لكنهم لا يذعنون له ولا يؤمنون به، فكانوا كغير السامعين.
٢٢ - إن أولئك المشركين والمنافقين معهم، هم كشر الدواب التى أصيبت بالصمم فلا تسمع، وبالبكم فلا تتكلم، فهم صمُّوا عن الحق، فلم يسمعوه ولم ينطقوا به ولم يعقلوه.
٢٣ - ولو علم الله - بعلمه الأزلى - أن فيهم - وهم بهذه الحال - ما يكون خيراً لأنفسهم وللناس وللحق، لأسمعهم سماع هداية يوصل الحق إلى عقولهم، ولو سمعوه وفهموه لانصرفوا عن الاهتداء، وحال الإعراض الآن لا تفارقهم لغلبة الهوى.


الصفحة التالية
Icon