٢٩ - يا أيها الذين صدَّقوا بالحق وأذعنوا له، إن تخضعوا لأوامر الله فى السر والعلن، يجعل الله تعالى فى أنفسكم قدرة تفرقون بها بين الحق والباطل، ويهبكم نصراً ليفصل بينكم وبين أعدائكم، ويستر سيئاتكم فتذهب ويغفرها لكم، وهو - سبحانه - صاحب الفضل الكبير دائماً.
٣٠ - واذكر - أيها النبى - نعمة الله عليك، إذ يمكر المشركون للإيقاع بك: إما بأن يحبسوك، وإما بأن يقتلوك، وإما بأن يخرجوك. إنهم يدبرون لك التدبير السيئ، والله تعالى يدبر لك الخروج من شرهم، وتدبير الله هو الخير وهو الأقوى والغالب.
٣١ - واذكر - أيها النبى - معاندة المشركين عندما كنت تقرأ عليهم آيات القرآن الكريم، وهى آياتنا، فيذهب بهم فرط الجهل والغرور إلى أن يقولوا: لو أردنا أن نقول مثل هذا القرآن لقلنا، فما هو إلا ما سطره الأولون من قصص.
٣٢ - واذكر - أيها النبى - كيف ذهبوا فى محادَّتك ومحادَّة الله أن قالوا معاندين موجهين النداء لله ربهم: إن كان ما تجئ به هو الأمر الثابت، فاجعل السماء تمطر حجارة، أو أنزل عذاباً شديداً أليماً.
٣٣ - وما كان من حكمة الله تعالى أن يعذبهم فى الدنيا بعذاب شديد وأنت فيهم تدعو إلى الحق راجياً إجابتهم، وما كان من شأن الله أن يعذب العصاة وهم يستغفرونه ويقلعون عما هم فيه.
٣٤ - وإن حالهم القائمة الآن تسوغ تعذيبهم، لأنهم يمنعون الناس من المسجد الذى حرم الله القتال حوله، ولكن يؤخرهم الله لما قدَّره فى علمه من إيمان الكثيرين منهم، وإنهم فى حالهم هذه ليسوا نصراء ذلك المسجد المكرم، لأنهم دنَّسوه بالوثنية، وإنما نصراؤه الحقيقيون هم المؤمنون الطائعون لله، ولكن أكثر المشركين لا يعلمون الدين، ولا مقام ذلك البيت الكريم.