١٦ - قل لهم - يا أيها الرسول -: لو شاء الله ألا ينزل علىَّ قرآناً من عنده، وألا أبلغكم به ما أنزله، وما تلوته عليكم، ولا أعلمكم الله به. لكنه نزل، وأرسلنى به، وتلوته عليكم كما أمرنى، وقد مكثت بينكم زمناً طويلا قبل البعث لم أدّع فيه الرسالة، ولم أتل عليكم شيئاً، وأنتم تشهدون لى بالصدق والأمانة، ولكن جاء الوحى به فأمرت بتلاوته، ألا فاعقلوا الأمور وأدركوها، واربطوا بين الماضى والحاضر.
١٧ - ليس هناك أشد ظلماً لنفسه ممن كفر وافترى الكذب على الله، أو كذب بآيات الله التى جاء بها رسوله. إنه لا ينجح الكافر فى عمله، وقد خسر خسراناً مبيناً بكفره، ومغاضبته لله تعالى.
١٨ - ويعبد هؤلاء المشركون - المفترون على الله بالشرك - أصناماً باطلة، لا تضرهم ولا تنفعهم، ويقولون: هؤلاء الأصنام يشفعون لنا عند الله فى الآخرة، قل لهم - أيها الرسول -: هل تخبرون الله بشريك لا يعلم الله له وجوداً فى السموات ولا فى الأرض؟! تنزه الله عن الشريك وعما تزعمونه بعبادة هؤلاء الشركاء.
١٩ - وما كان الناس فى تكوينهم إلا أمة واحدة بمقتضى الفطرة، ثم بعثنا إليهم الرسل لإرشادهم وهدايتهم بمقتضى وحى الله تعالى، فكانت تلك الطبيعة الإنسانية التى استعدت للخير والشر سبباً فى أن يغلب الشر على بعضهم، وتحكم الأهواء ونزغات الشيطان، فاختلفوا بسبب ذلك. ولولا حكم سابق من ربك بإمهال الكافرين بك - أيها النبى - وإرجاء هلاكهم إلى موعد محدد عنده، لعجل لهم الهلاك والعذاب، بسبب الخلاف الذى وقعوا فيه، كما وقع لأمم سابقة.
٢٠ - ويقول هؤلاء المشركون: هلا أنزل على محمد معجزة من عند الله غير القرآن، تقنعنا بصدق رسالته؟ فقل لهم - أيها الرسول -: إن نزول الآيات غيب، ولا أحد يعلم الغيب إلا الله، وإن كان القرآن لا يقنعكم فانتظروا قضاء الله بينى وبينكم فيما تجحدونه، إنى معكم من المنتظرين.