١٧ - أفَمَنْ كان يسير فى حياته على بصيرة وهداية من ربه، ويطلب الحق مخلصاً، معه شاهد بالصدق من الله وهو القرآن، وشاهد من قبله وهو كتاب موسى الذىأنزله الله قدوة يتبع ما جاء به، ورحمة لمتبعيه، كمن يسير فى حياته على ضلال وعماية، فلا يهتم إلا بمتاع الدنيا وزينتها؟! أولئك الأولون هم الذين أنار الله بصائرهم، يؤمنون بالنبى والكتاب الذى أنزل عليه. ومن يكفر به ممن تألبوا على الحق وتحزّبوا ضده، فالنار موعده يوم القيامة. فلا تكن - أيها النبى - فى شك من هذا القرآن، إنه الحق النازل من عند ربك، لا يأتيه الباطل، ولكن أكثر الناس تضلّهم الشهوات، فلا يؤمنون بما يجب الإيمان به.
١٨ - وليس أحد أكثر ظلماً لنفسه وبُعداً عن الحق من الذين يختلقون الكذب وينسبونه إلى الله. إن هؤلاء سيعرضون يوم القيامة على ربهم ليحاسبهم على ما عملوا من سوء، فيقول الأشهاد من الملائكة والأنبياء وغيرهم: هؤلاء هم الذين ارتكبوا أفظع الجرم والظلم بالنسبة لخالقهم. إن لعنة الله ستقع عليهم لأنهم ظالمون.
١٩ - هؤلاء الذين يصرفون الناس عن دين الله ويمنعونهم - وهو سبيله المستقيم - ويطلبون أن تكون هذه السبيل موافقة لشهواتهم وأهوائهم، فتكون معوجة، وهم بالآخرة - وما فيها من ثواب المؤمن وعقاب الكافر - كافرون.
٢٠ - أولئك الكافرون، لم تكن لهم قوة تُعجز الله عن أخذهم بالعذاب فى الدنيا، ولم يكن لهم نُصراء يمنعون عنهم عذابه لو شاء أن يعجل لهم العذاب، وإن العذاب سيقع عليهم فى الآخرة أضعاف ما كان سيقع عليهم فى الدنيا، لو أراد الله أن يقع، لأنهم كرهوا أن يسمعوا القرآن، ويبصروا آيات الله فى الكون، كأنهم لم يكونوا يستطيعون أن يسمعوا أو يبصروا.
٢١ - أولئك الكافرون لم يربحوا بعبادة غير الله شيئاً. بل خسروا أنفسهم وغاب عنهم فى الآخرة ما كانوا يفترون من أكاذيب ودعاوى باطلة، وما كانوا يختلقون من الآلهة الباطلة، ويزعمون أنهم ينفعونهم أو يشفعون لهم، فإن يوم القيامة هو يوم الحقائق التى لا زيف فيها ولا افتراء.