١٣ - عمد الكفار المتجبرون إلى القوة، بعد أن عجزوا جميعاً عن مقاومة الدليل، وقالوا لرسلهم: ليكونن أحد أمرين: إما أن نخرجكم من أرضنا، وإما أن تدخلوا فى ديننا، فأوحى الله إلى الرسل قائلا: لنهلكن الكافرين لظلمهم.
١٤ - ولنُسْكننّكم أرضهم من بعد هلاكهم. وذلك الإسكان للمؤمنين حق لمن خاف موقف حسابى، وخاف وعيدى بالعذاب، فإن من غلب عليه الخوف أطاع.
١٥ - إن الرسل استنصروا على أقوامهم لما يئسوا من إيمانهم وطلبوا النصر من ربهم على الكافرين من أقوامهم، فنصرهم الله وربحوا، وخسر كل متكبر عن طاعة الله شديد العناد.
١٦ - وقد استقبل الهزيمة فى الدنيا، ومن ورائه فى الآخرة عذاب جهنم، ويُسْقى فيها من ماء كريه، وهو كالصديد يسيل من أهل النار.
١٧ - يتكلف شربه كأنه يبتلعه مرة أخرى، ولا يقرب من استساغته لأنه لا يمكن أن يستساغ لكراهته وقذارته ويحيط به أسباب الموت من الشدائد من كل جهة، وما هو فى جهنم بميت فيستريح مما هو فيه، بل يستقبل فى كل وقت عذاباً أشد.
١٨ - إن حال أعمال الخيّرين الكافرين الدنيوية وكسبهم فيها - لبنائها على غير أساس من الإيمان - كحال رماد اشتدت لتفريقه الريح فى يوم شديد العواصف، لا يقدرون يوم القيامة على شئ مما كسبوا فى الدنيا من تلك الأعمال فلا يمكنهم الانتفاع بشئ منها إذ لا يرون لها أثراً من الثواب، كما لا يقدر صاحب الرماد المتطاير فى الريح على إمساك شئ منه، وهؤلاء الضالون يحسبون أنهم محسنون، مع أن أعمالهم بعيدة أشد البعد عن طريق الحق.
١٩ - ألم تعلم - أيها المخاطب - أن الله تعالى خلق السموات والأرض لتقوما على الحق بمقتضى حكمته، ومن قدر على هذا كان قادراً على إهلاككم أيها الكافرون والإتيان بخلق جديد غيركم يعترفون بوجوده ووحدانيته إذا شاء.
٢٠ - وما ذلك الإذهاب والإتيان على الله بمتعذر ولا بمتعسر.