٣٣ - هؤلاء هم المتقون الذين استعدوا لآخرتهم، وذلك جزاؤهم. أما المشركون، فإنهم بعنادهم وبقائهم على شركهم، لا ينتظرون إلا الملائكة تقبض أرواحهم، وهم ظالمون لأنفسهم بالشرك وعمل الشر، ويأتيهم عذاب ربك بإهلاكهم جميعاً. ومثل ما فعل هؤلاء الكفار المعاندون، فعل الذين سبقوهم فى ذلك مع أنبيائهم فعاقبهم الله على فعلهم، ولم يكن ظالماً لهم حين عاقبهم، ولكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم حين عرضوها لعذاب الله بكفرهم.
٣٤ - فأصابهم جزاء ما عملوا من سيئات، وأحاط بهم العذاب الذى كانوا ينكرونه ويستهزئون به.
٣٥ - وقال الذين أشركوا عناداً ومغالطة: لو شاء الله أن نعبده - وحده - ونطيعه فيما يأمر به لما عبدنا غيره، ولما حرَّمنا من عندنا ما لم يحرمه، كالبحيرة والسائبة وهى حجة باطلة يستندون عليها فى كفرهم. وقد احتج بها من سبقوهم من الكفار، بعد ما أرسلنا إليهم رسلنا، فأمروهم بالتوحيد وطاعة الله، ونهوهم عن الشرك وعن تحريم ما حَرَّمه الله، فقامت عليهم الحُجة، وأدى رسلنا ما أمرناهم بتبليغه، وعلينا نحن حسابهم، وليس على الرسل شئ بعد ذلك.
٣٦ - ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا ليقول لهم: اعبدوا الله - وحده - واجتنبوا كل طاغية مفسد، فبلغهم وأرشدهم، ففريق استمع إلى الإرشاد وتقبله، فهداه الله بحسن استعداده إلى الطريق المستقيم، وفريق أعرض عن سماع الحق فانحرف عن سواء السبيل، فأنزل الله به العذاب. وإذا كنتم فى شك من هذا - يا مشركى مكة - فسيروا فى الأرض، قريباً منكم، فانظروا وتأملوا كيف حل بالمكذبين - من عاد وثمود وقوم لوط - عذاب الله، وكيف كانت عاقبة أمرهم خسراناً وهلاكاً؟!.
٣٧ - إن تكن حريصاً - أيها النبى - على هداية المشركين من قومك، باذلاً معهم أقصى ما فى جهدك، فلا تهلك نفسك حزناً إذا لم يتحقق ما تريد، فقد تحكمت فيهم الشهوات، والله لا يجبر على الهداية من اختاروا الضلال وتمسكوا به، لأنه يتركهم لما اختاروا لأنفسهم، وسيلقون جزاءهم عذاباً عظيماً، ولا يجدون لهم يوم القيامة من ينصرهم ويحميهم من عذاب الله.


الصفحة التالية
Icon