٣٨ - وقد أضاف المشركون إلى شركهم بالله إنكارهم ليوم القيامة، فأقسموا بالله غاية طاقتهم فى القسم، وأكدوا أن الله لا يبعث من يموت وهم كاذبون فى قَسَمِهِمْ، وسيبعثهم الله جميعاً، لأنه أخذ العهد على نفسه بذلك، ولن يخلف الله عهده، ولكن أكثر الناس من الكفار لا يعلمون حكمة الله فى خلْق هذا العالم وأنه لم يخلقه عبثاً، ولا عن حسابه فى الآخرة ومجازاته.
٣٩ - وأن من عدل الله فى خلقه أن يبعثهم جميعاً بعد موتهم، فيظهر لهم حقائق الأمور التى اختلفوا فيها، ليعلم المؤمنون أنهم على حق، ويعلم الكافرون أنهم كانوا مخطئين فى اتخاذهم شركاء.
٤٠ - وليس بعث الناس يوم القيامة بعسير علينا حتى يستبعده هؤلاء الكفار، لأننا إذا أردنا شيئاً لا يحتاج إيجاده إلا أن نقول له: كن. فيكون كما نريد.
٤١ - والمؤمنون الذين هاجروا من ديارهم لوجه الله تعالى، وإخلاصاً لعقيدتهم، من بعد ما وقع عليهم الظلم والعذاب من المشركين، لنُعوّضهم فى الدنيا على إخلاصهم واحتمالهم للعذاب، حياة طيبة حسنة لا تأتى إلا بالجهاد، وسيكون أجرهم يوم القيامة أكبر، ونعيمهم فى الجنة أعظم، لو كان المخالفون لهم يعلمون ذلك لما ظلموهم وظلموا أنفسهم.
٤٢ - وهؤلاء المهاجرون هم الذين صبروا على ما تحملوه من عذاب فى سبيل عقيدتهم، وفوضوا أمرهم إلى الله - وحده - غير مبالين بما سواه، ومن أجل هذا أحسنا لهم الجزاء.
٤٣ - وما أرسلنا إلى الأمم السابقة قبل إرسالك إلى أمتك - أيها النبى - إلا رجالاً نوحى إليهم بما نريد تبليغه لهم، ولم نرسل ملائكة كما يريد كفار قومك، فاسألوا - أيها الكافرون - أهل العلم بالكتب السماوية، إن كنتم لا تعلمون ذلك، فستعرفون أن رسل الله جميعاً ما كانوا إلا رجالاً لا ملائكة.