٩٤ - ولا تسلكوا سبيل الغدر، فتتخذوا الأيمان سبيلاً للتغرير والخديعة، فإنه بسبب ذلك تزل الأقدام فتبتعدوا عن المحجة المستقيمة، ويكون فى ذلك إعراض عن سبيل اللَّه فى الوفاء، وتكونون قدوة سيئة فى الغدر، ويرى الناس فيكم صورة مشوهة للإسلام، فيعرضون عنه، وينزل السوء بكم فى الدنيا لعدم الثقة فيكم بسبب صدّكم عن طريق الحق وينزل بكم عذاب مؤلم شديد الإيلام.
٩٥ - ولا تستبدلوا بالوفاء بالعهود المؤكدة متاع الدنيا، فهو قليل مهما كان كثيرا، لأن ما عند اللَّه من جزاء المحافظين على العهد فى الدنيا، ومن نعيم الآخرة الدائم، خير لكم من كل ما يغريكم بنقض العهود، فتدبروا ذلك وافهموه إن كنتم من أهل العلم والتمييز بين الصالح وغير الصالح، ولا تفعلوا إلا ما فيه صلاح لكم فى دنياكم وأخراكم.
٩٦ - فإن ما عندكم - أيها الناس - من نعيم ينفد وينتهى مهما طال زمنه، وما عند اللَّه من نعيم الآخرة خالد لا ينقطع، ولنكافئن الذين صبروا على مشاق التكاليف بما وعدناهم به، من حسن الثواب المضاعف على أعمالهم، ينعمون به نعيما دائما فى الآخرة.
٩٧ - أن من عمل عملاً صالحا فى هذه الدنيا، سواء كان ذكراً أو أنثى مندفعا إلى هذا العمل الصالح بقوة الإيمان بكل ما يجب الإيمان به، فإننا لا بد أن نحييه فى هذه الحياة الدنيا حياة طيبة لا تنغيص فيها، تغمرها القناعة والرضا والصبر على مصائب الدنيا، والشكر على نعم اللَّه فيها، وفى الآخرة لا بد أن نجزى هذا الفريق من الناس حسن الثواب المضاعف على أعمالهم فى الدنيا.
٩٨ - وإن الذى يحمى النفس من نزعات الهوى هو القرآن، فإذا تدبرت هذا - أيها المؤمن - وأردت أن تحيا بعيداً عن تلاعب الشيطان، وتفوز بطيب الحياة فى الدارين، فإنى أرشدك إلى أمر يعينك على هذا، وهو قراءة القرآن، وإذا أردت قراءة القرآن فاستفتح قراءته بالدعاء الخالص إلى اللَّه أن يمنع عنك وساوس الشيطان المطرود من رحمة اللَّه، أخذ العهد على نفسه أن يغوى الناس ويوقعهم فى عصيان اللَّه.
٩٩ - فإنك إن فعلت هذا مخلصا للَّه، حماك اللَّه منه، وَبعُدَت عنك وساوسه، إنه ليس له تأثير على الذين عمرت قلوبهم بالإيمان باللَّه، واستمداد العون منه - وحده - والاعتماد عليه.