١٧ - وقد كان فى الكهف فتحة متسعة فى الجبل، وهى متجهة إلى الشمال يجيئهم منها النسيم العليل، وإذا طلعت الشمس من الشرق عن يمينهم مالت أشعتها عنهم، وإذا غربت عن يسارهم تجاوزتهم ولم تدخل أشعتها فى كهفهم، فحرارة الشمس لا تؤذيهم. ونسيم الهواء يأتيهم، وذلك كله من دلائل قدرة الله، ومن يوفقه الله لإدراكها يهتدى، ومن لا يوفقه فلا مرشد له من بعد.
١٨ - وتظنهم - أيها الناظر - منتبهين، وفى الحقيقة هم نيام، ونقلبهم فى نومهم يمينا مرة ويسارا مرة لنحفظ أجسامهم من تأثير الأرض، وكلبهم - الذى صاحبهم - مادا ذراعيه بالفناء وهو نائم أيضاً فى شكل اليقظان، لو اطلعت - أيها المخاطب - عليهم وهم على تلك الحال لفررت منهم هاربا، ولملئ قلبك منهم فزعا لهيبتهم فى منامهم، فلا يقع نظر أحد عليهم إلا هابهم، كيلا يدنو منهم أحد، ولا تمسهم يد حتى تنتهى المدة.
١٩ - وكما أنَمْنَاهم أيقظناهم ليسأل بعضهم بعضاً عن مدة مكثهم نائمين، فقال واحد منهم: ما الزمن الذى مكثتموه فى نومكم؟ فقالوا: مكثنا يوماً أو بعض يوم، ولما لم يكونوا مُسْتَيقنين من ذلك قالوا: اتركوا الأمر لله، فهو الأعلم به، وليذهب واحد منكم بهذه العملة الفضية إلى المدينة وليتخير أطيب الأطعمة فيأتيكم بطعام منه، وليكن حسن التفاهم، ولا يظهرن أمركم لأحد من الناس.
٢٠ - إنهم إن رأوكم يقتلوكم رجماً بالحجارة أو يعيدوكم إلى الشرك بالقوة، وإذا عدتم إليه فلن تفلحوا فى الدنيا والآخرة.