٤٥ - واذكر - أيها الرسول - للناس مثلا للحياة الدنيا فى نضرتها وبهجتها ثم سرعة فنائها، بأنها كماء أُنزل من السماء فارتوى به نبات الأرض فاخضر وأينع، ثم لم يلبث طويلا حتى جف وصار يابسا متكسراً تفرقه الرياح، والله قادر على كل شئ إنشاءً وإفناءً.
٤٦ - المال والبنون جمال ومتعة لكم فى الحياة الدنيا وهما قوتها، ولكن لا دوام لها، بل هى فانية غير باقية، والأعمال الصالحة الباقية خير لكم عند الله، يجزل ثوابها، وخير أمل يتعلق به الإنسان.
٤٧ - وأنذر الناس - أيها الرسول - بيوم يفنى هذا الوجود، فيزيل فيه الجبال، وتبصر فيه الأرض ظاهرة مستوية لا يسترها شئ مما كان عليها، ونحشر فيه الناس للحساب فلا نترك منهم أحدا.
٤٨ - ويعرض الناس فى هذا اليوم على الله فى جموع مصفوفة للحساب، ويقول الله تعالى: لقد بعثناكم بعد الموت كما أحييناكم أول مرة، وجئتمونا فرادى بلا مال ولا بنين، وكنتم فى الدنيا تكذبون بالبعث والحساب.
٤٩ - ووضع فى يد كل واحد كتاب أعماله، فَيبْصره المؤمنون فرحين مما فيه، ويبصره الجاحدون خائفين مما فيه من الأعمال السيئة، ويقولون إذا رأوها: يا هلاكنا، إنا نعجب لهذا الكتاب الذى لم يترك من أعمالنا صغيرة ولا كبيرة إلا سجَّلها علينا، ووجدوا جزاء ما عملوا حقاً، ولا يظلم ربك أحداً من عباده.
٥٠ - واذكر - أيها الرسول - لهم بدء خلقهم ليعلموا أنهم من الطين، وليس لهم أن يغتروا بما هم فيه، ويخضعوا لعدوّ أبيهم إبليس، لأنه كان من الجن، فاستكبر وتمرد على الله، فكيف بعد ما عرفتم من شأنه تتخذونه وذريته أنصاراً لكم من دون الله، وهم لكم أعداء؟! قبُح هذا البدل لمن ظلم نفسه فأطاع الشيطان.