٣ - ومع هذا التحذير الشديد الصادق، فإن بعض الناس دفعه العناد - أو التقليد - إلى الجدل فى الله وصفاته فأثبت له الشركاء، أو أنكر قدرته على البعث ومجازاة الناس على أعمالهم، غير مستند فى جدله وإنكاره إلى علم صحيح أو حجة صادقة، ولكنه يقلد ويتبع خطوات كل شيطان متمرد على ربه بعيد عن هديه.
٤ - قضى الله أن كل من اتبعه واتخذه ولياً وهادياً أضله عن طريق الحق، ووجَّهه إلى الباطل المفضى به إلى عذاب النار المسعَّرة المتأججة.
٥ - يا أيها الناس إن كنتم فى شك من بَعْثِنا لكم بعْد الموت ففى خلقكم الدليل على قدرتنا على البعث، فقد خلقنا أصلكم من تراب، ثم جعلنا منه نطفة حوَّلْناها بعد مدة إلى قطعة دم متجمدة، ثم جعلناها قطعة من اللحم مُصَوَّرة فيها معالم الإنسان، أو غير مصورة لِنُبيِّن لكم قدرتنا على الإبداع والتدرج فى التكوين، والتغيير من حال إلى حال، ونسقِط من الأرحام ما نشاء، ونقر فيها ما نشاء، حتى تكمل مدة الحمل، ثم نُخْرِجكم من بطون أمهاتكم أطفالاً، ثم نرعاكم لتبلغوا تمام العقل والقوة، ومنكم بعد ذلك من يتوفاه الله، ومنكم من يمد له عمره حتى يصير إلى الهرم والخوف فيتوقف علمه وإدراكه للأشياء، ومن بَدَأَ خلقكم بهذه الصورة لا تعجزه إعادتكم. وأمر آخر يدلك على قدرة الله على البعث: أنك ترى الأرض قاحلة يابسة، فإذا أنزلنا عليها الماء دبَّت فيها الحياة وتحركت وزادت وارتفع سطحها بما تخلله من الماء والهواء، وأظهرت من أصناف النباتات ما يروق منظره، ويُبهر حسنه، ويُبْتَهجُ لمرآه.