٤٤ - ذلك الذى قصه القرآن عليك يا محمد من الأخبار العظيمة عَمَّن اصطفاهم الله، هو من الغيب الذى أوحى الله به إليك. وما كنت حاضراً معهم وهم يقترعون بالسهام ليعلم بالقرعة من يقوم بشئون مريم، وما كنت معهم وهم يختصمون فى نيل هذا الشرف العظيم.
٤٥ - اذكر - أيها النبى - إذ بشرت الملائكة مريم بمولود خلقه الله بكلمة منه على غير السُّنَّة العادية فى التوالد، اسمه المسيح عيسى ابن مريم، وقد خلقه الله ذا مكانة فى الدنيا بالنبوة والبراءة من العيوب، وفى الآخرة بعلو درجته مع الصفوة المقربين إلى الله من النبيين أولى العزم.
٤٦ - وميَّزه الله بخصائص، فكان يكلم الناس وهو طفل فى مهده كلاماً مفهوماً حكيماً، كما يكلمهم وهو رجل سوى، من غير تفاوت بين حالتى الطفولة والكهولة. وكان ممن منحهم الله الصلاح.
٤٧ - قالت مريم - متعجبة من وجود الولد على غير نظام التوالد -: من أين يكون لى ولد ولم يمسسنى رجل؟ فذكر الله تعالى لها أنه يخلق ما يشاء بقدرته غير مقيد بالأسباب العادية، فإنه إذا أراد شيئاً أوجده بتأثير قدرته فى مراده من غير افتقار إلى موجب آخر.
٤٨ - والله يُعلِّم هذا الوليد الكتابة، والعلم الصحيح النافع، والتوراة (كتاب موسى) والإنجيل الذى أوحاه الله إليه.
٤٩ - ويبعثه رسولا إلى بنى إسرائيل، مستدلا على صدق رسالته بمعجزات من الله، هى أن يصور لكم من الطين صورة مثل صورة الطير، ينفخ فيها فتحل فيها الحياة وتتحرك طائراً بإرادة الله، ويشفى بتقدير الله من وُلِدَ أعمى فيبصر، ومن به برص فيزول برصه، ويعيد الحياة إلى من فقدها. كل ذلك بإذن الله وإرادته، ويخبرهم بما يدَّخرون فى بيوتهم من مأكول وغيره، ويقول لهم: إن هذه الآيات التى أظهرها الله على يدىَّ حجة على أن رسالتى حق إن كنتم ممن يذعنون له ويصدقون به.


الصفحة التالية
Icon