المطلب الثاني : تربية الناشئ على تحصين ذاته
التحصين مصدر حصَّن، والمادة اللغوية تفيد المنع، واتخاذ الحيطة للوقاية(١). والمقصود بالتحصين مجموعة الخطوات التي يقوم عليها المربي لوقاية الناشئة من تأثير العوامل المختلفة التي تسعى جاهدة للتأثير في هذا الناشئ.
مساهمة الحلقات القرآنية في تحصين الناشئة :
يمكن أن يكون للحلقات القرآنية - وهي من المؤسسات التربوية والتعليمية - مساهمة في تربية الناشئ على تحصين ذاته.
وهذا يقتضي رفع كفاءة المدرس: بأن يُستحثَّ على أداء النشاط العلمي، وذلك لتطوير شخصيته العلمية، ثم استثمار هذا النشاط لرفع كفاءة من يباشر معهم العملية التربوية والتعليمية(٢).
وكثير من مدرسي الحلقات بحاجة إلى رفع الكفاءة؛ حتى يكون لهم دور في التربية، وبحاجة إلى استشعار المسؤولية والأمانة؛ حتى يُعِدّوا أنفسهم للعطاء المتقَن.
واقع الحلقات :
لقد اقتصر مجموعة من المدرسين على التحفيظ، دون الاهتمام بالتربية والتوعية، وحرص آخرون على التكامل بين الجانبين : التربوي والتعليمي، فجمعوا بين الحسنين.
فرأيت - مثلاً - من تساهل في توجيه تلميذه بالابتعاد عن الأشرار، الذين ينتظرون طلاب الحلقات القرآنية عند خروجهم من مساجدهم أو مدارسهم، فشاهدت مَن جرفه السيل مِن حوله، والتقمه الموج، وانقطع عن الحلقات، وانضمَّ إلى شباب يقضون أوقاتهم في الشوارع والطرقات. نسأل الله تعالى الاستقامة، فهي طريق السلامة.
ورأيت مَن تابع تلاميذه متابعة جادة، ونصحهم ووجّهم، فأثمر ذلك الثبات في الحلقات، والاستمرار في الحفظ والمراجعة مع الإتقان، والاشتراك في المسابقة المحلية والدولية، وإحراز المراكز المتقدمة، والحمد الله على إحسانه.

(١) المعجم الوسيط. مادة (حصّن).
(٢) مدخل إلى التحصين الفكري للأمة للأستاذ الدكتور أحمد محمد الخراط : ص(٥٦).


الصفحة التالية
Icon