وذكر العلماء أن التأدب مع المصحف يقتضي أن يكون مما يعلو، ولا يُعلى عليه، وألا يوضع فوقه إلا مصحف مثله.
قال القرطبي رحمه الله - وهو يبين صور حرمة المصحف - : ومن حرمته إذا وضع المصحف ألاّ يتركه منشوراً، وألا يضع فوقه شيئاً من الكتب؛ حتى يكون أبداً عالياً على سائر الكتب، ومن حرمته أن يضعه في حجره إذا قرأه، أو على شيء بين يديه، ولا يضعه على الأرض(١).
واقع الحلقات :
لو رأينا في واقع الحلقات القرآنية لوجدنا قصوراً في تربية الناشئ على التحلى بآداب طالب العلم، فكم رأيت من مظاهر منافية لآداب طالب العلم لِلَّهِ وكم رأيت من أمور منافية لتعظيم كتاب الله تعالى لِلَّهِ
ولكن وجدت أيضاً من ربّى الناشئة على الأدب مبيناً لهم أنه مفتاح العلم وأساس الطلب، وقليل ماهم.
والمأمول من جمعيات تحفيظ القرآن الكريم الاهتمام بجانب الأدب اهتماماً بالغاً، فما فائدة حفظ القرآن الكريم إن لم يتأدب حافظ القرآن بآدابه، ويتخلق بأخلاقه ؟ وهل يليق بحافظ القرآن الكريم أن يصدر منه ما ينافي تعظيم المصحف؟!
ينبغي للمدرس أن يبيّن هذه الآداب للطلاب، ويكررها عليهم؛ لأن الشيء إذا تكرر تقرر، ثم إن رأى خطأ وخللاً انتهز المناسبة للتوجيه والتعليم.
كم أتمنى أن يجمع الطالب بين الأدب والعلم (( فعلم بلا أدب كنار بلا حطب، وأدب بلا علم كروح بلا جسم )) (٢)
المطلب الثالث : تربية الناشئ على الإفادة من ثمرات العلم
(٢) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي :( ١/ ٨٠ ).