كذلك لما أرسل الوليد أو عقبة إلى النبي ﷺ ليفاوضه في شأن القرآن وأن يترك هذا الأمر، قال له: يا محمد إن أردت ملكا ملكناك، وإن أردت مالا جمعنا لك من المال ما تكون به أغنى العرب، وإن أردت نساء نظرنا في أجمل نساء العرب فأتينا بهن إليك. فقال عليه الصلاة والسلام له هذا الذي عندك؟ اسمع فتلا عليه صدر سورة فصلت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ؟ حم(١)تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(٢)كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(٣)بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ؟[فصلت: ١-٤] ومر عليه الصلاة والسلام في التلاوة حتى بلغ قوله تعالى ؟فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ؟[فصلت: ١٣] فالتفت إليه الرجل وقال حسبك الآن، فرجع إلى قومه لما رأوه مقبلا، قالوا لقد أتاكم فلان بوجه غير الوجه الذي ذهب به، فلما حضر، قالوا ما عندك يا فلان؟
فقال: إني سمعت كلاما ليس هو بالشعر، وليس هو بالكهانة، وليس هو بالكلام الذي نألف، إن له لحلاوة، وإن عليه لطُلاوة -أو طَلاوة أو طِلاوة مثلثة- وإن أسفله لمورق، وإن أعلاه لمثمر، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه.
فتبين بذلك أن أولئك الذين قالوا هو كهانة هو شعر وهو قول البشر أنهم هم الذين ردوا على أنفسهم ؟وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا؟[النمل: ١٤].