مثلا يقال لمن أثبت صفة الوجود قالوا إن الله جل وعلا ليس له إلا صفة الوجود فقط؛ الوجود المطلق، يقال له: لم نفيتَ غيرها من الصفات؟ لم نفيت صفة العلم؟ لم نفيت صفة الكلام؟ لم نفيت صفة المحبة؟ بل سيقول: إن هذه الصفات تستلزم المشابهة التمثيل أو التشبيه، فيقال: لم؟ فيقول: لأن المخلوق يتكلم، فكيف نقول إن الله يتكلم والمخلوق يتكلم، معناه فيه تشبيه. يقول: إن الله يحب والمخلوق يحب معناه إن هذا فيه تشبيه. فكذلك يقال: الصفة التي أثبتها وهي الوجود أيضا مشتركة، فالمخلوق موجود وتقول الله جل وعلا موجود، المعتزلة يثبتون القدرة لله جل وعلا، والمخلوق عنده قدرة، فما الفرق ما بين ما أثبت وما بين ما نفى؟ الوجود أيضا مشترك في التشبيه، إذا قلنا إن وجود الصفة من حيث هي في المخلوق في الله جل وعلا هذا تشبيه فإذن الوجود فيه تشبيه، والله جل وعلا موجود والبشر موجودون إذن ثَم تشبيه، فالصفة التي أثبتها فيها تشبيه وهو يريد أن ينفي التشبيه أن ينفي الصفات الأخرى لأجل التشبيه.
كذلك نأتي للأشاعرة نقول أنتم أثبتم سبع صفات السمع والبصر والعلم والكلام... إلى آخره، فنقول لم أوَّلتم صفة الوجه؟ لم أوَّلتم صفة اليدين؟ لم أوّلتم صفة الغضب، صفة الرضا، صفة المحبة، صفة الرحمة، إلى غير ذلك، يقولون؛ لأنّ هذه تستلزم التشبيه، نقول: كذلك صفة السمع تستلزم التشبيه، كذلك صفة البصر تستلزم التشبيه، كذلك صفة الإرادة؛ الله جل وعلا يريد والإنسان يريد، لماذا نقول إن هذا فيه تشبيه؟ يريد الجميع منهم على اختلاف فرقهم بأن إرادة الله جل وعلا مختلفة عن الإرادة المخلوق، وأن قدرة الله جل وعلا مختلفة عن قدرة المخلوق.