وسوى بين هذا، وبين قراءة من قرأ: ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر﴾(النساء: ٩٥)، برفع غير، وجوّز في نحو: ما قام القوم إلا زيد، بالرفع البدل والصفة، وخرّج على ذلك قول عمرو بن معدي كرب:
وكلّ أخ مفارقه أخوه
لعمر أبيك إلا الفرقدان}
قال: كأنه قال: وكل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه، كما قال الشماخ:
وكل خليل غيرها ضم نفسه
لوصل خليل صارم أو معارز
ومما أنشده النحويون:
لدم ضائع نأت أقربوه
عنه إلا الصبا وإلا الجنوب
وأنشدوا أيضاً:
وبالصريمة منهم منزل خلق
عاف تغير إلا النؤى والوتد
قال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور: ويخالف الوصف بإلا الوصف بغيره، من حيث أنها يوصف بها النكرة والمعرفة والظاهر والمضمر. وقال أيضاً: وإنما يعني النحويون بالوصف بإلا: عطف البيان. وقال غيره: لا يوصف بإلا إلا إذا كان الموصوف نكرة أو معرفة بلام الجنس. وقال المبرد: لا يوصف بإلا إلا إذا كان الوصف في موضع يصلح فيه البدل، وتحرير ذلك نتكلم عليه في علم النحو، وإنما نبهنا على أن ما ذهب إليه ابن عطية في تخريج هذه القراءة، لم يذهب إليه نحوي. ومن تخليط بعض المعربين أنه أجاز رفعه بفعل محذوف، كأنه قال: امتنع قليل أن يكون توكيداً للمضمر المرفوع المستثنى منه. ولولا أن هذين القولين مسطران في الكتب ما ذكرتهما. وأجاز بعضهم أن يكون رفعه على الابتداء والخبر محذوف، كأنه قال: إلا قليل منكم لم يتول، كما قالوا: ما مررت بأحد إلا رجل من بني تميم خير منه. وهذه أعاريب من لم يمعن في النحو.
﴿وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ﴾: جملة حالية، قالوا: مؤكدة. وهذا قول من جعل التولي هو الإعراض بعينه، ومن خالف بينهما تكون الحال مبينة، وكذلك تكون مبينة إذا اختلف متعلق التولي والإعراض.
﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءِكُمْ﴾: الكلام على: ﴿تسفكون﴾، كالكلام على: ﴿لا تعبدون﴾ إلا الله من حيث الإعراب.