﴿فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ﴾: ليس هذا جواب الشرط لما تقرر في علم العربية أن اسم الشرط لا بد أن يكون في الجواب ضمير يعود عليه، فلو قلت: من يكرمني؟ فزيد قائم، لم يجز. وقوله: ﴿فإنه نزله على قلبك﴾، ليس فيه ضمير يعود على من. وقد صرح بأنه جزاء للشرط الزمخشري، وهو خطأ، لما ذكرناه من عدم عود الضمير، ولمضي فعل التنزيل، فلا يصح أن تكون الجملة جزاء، وإنما الجزاء محذوف لدلالة ما بعده عليه، التقدير: فعداوته لا وجه لها، أو ما أشبه هذا التقدير.
﴿مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾: انتصاب مصدقاً على الحال من الضمير المنصوب في ﴿نزله﴾، إن كان يعود على القرآن، وإن عاد على جبريل فيحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون حالاً من المجرور المحذوف لفهم المعنى، لأن المعنى: فإن الله نزل جبريل بالقرآن مصدقاً. والثاني: أن يكون حالاً من جبريل. وما: في لما الموصولة.
﴿مَن كَانَ عَدُوًّا﴾ ومن: في قوله: ﴿من كان عدوًّا﴾ شرطية. واختلف في الجواب فقيل: هو محذوف، تقديره: فهو كافر، وحذف لدلالة المعنى عليه. وقيل الجواب: ﴿فإن الله عدوّ للكافرين﴾.
وهذه الجملة الواقعة خبراً للشرط، تحتاج إلى رابط لجملة الجزاء باسم الشرط. والرابط هنا الاسم الظاهر وهو:
﴿وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ الْفَسِقُونَ﴾ والألف واللام في الفاسقون، إما للجنس، وإما للعهد، و﴿إلا الفاسقون﴾: استثناء مفرغ، إذ تقديره: وما يكفر بها أحد، فنفى أن يكفر بالآيات الواضحات أحد. ثم استثنى الفساق من أحد، وأنهم يكفرون بها. ويجوز في مذهب الفراء أن ينصب في نحو من هذا الاستثناء، فأجاز: ما قام إلا زيداً، على مراعاة ذلك المحذوف، إذ لو كان لم يحذف، لجاز النصب، ولا يجيز ذلك البصريون.


الصفحة التالية
Icon