وافعل بمعنى استفعل كابل بمعنى استبل. وقرأ الجمهور: ﴿بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك﴾ مبنياً للمفعول، وقرأهما النخعي وأبو حيوة ويزيد بن قطيب مبنياً للفاعل.
وإعادة الموصول بحرف العطف يحتمل المغايرة في الذات وهو الأصل، فيحتمل أن يراد مؤمنو أهل الكتاب لإيمانهم بكل وحي، فإن جعلت الموصول معطوفاً على الموصول اندرجوا في جملة المتقين، إن لم يرد بالمتقين بوصفه مؤمنو العرب، وذلك لانقسام المتقين إلى القسمين. وإن جعلته معطوفاً على المتقين لم يندرج لأنه إذ ذاك قسيم لمن له الهدى لا قسم من المتقين. ويحتمل المغايرة في الوصف، فتكون الواو للجمع بين الصفات، ولا تغاير في الذوات بالنسبة للعطف وحذف الفاعل في قراءة الجمهور، وبني الفعلان للمفعول للعلم بالفاعل، نحو: أنزل المطر، وبناؤهما للفاعل في قراءة النخعي، وأبي حيوة، ويزيد بن قطيب، فاعله مضمر، قيل: الله أو جبريل. قالوا: وقوة الكلام تدل على ذلك وهو عندي من الالتفات لأنه تقدم قوله: ﴿ومما رزقناهم﴾، فخرج من ضمير المتكلم إلى ضمير الغيبة، إذ لو جرى على الأول لجاء بما أنزلنا إليك، وما أنزلنا من قبلك، وجعل صلة ما الأولى ماضية لأن أكثره كان نزل بمكة والمدينة، فأقام الأكثر مقام الجميع، أو غلب الموجود لأن الإيمان بالمتقدم الماضي يتقدم الإيمان بالمتأخر، لأن موجب الإيمان واحد. وأما صلة الثانية فمتحققة المضي ولم يعد حرف الجر فيما الثانية ليدل أنه إيمان واحد، إذ لو أعاد لأشعر بأنهما إيمانان.
وبالآخرة: تقدم أن المعنى بها الدار الآخرة للتصريح بالموصوف في بعض الآي.