﴿وَمَآ أُوتِىَ مُوسَى﴾: ظاهره العطف على ما قبله من المجرورات المتعلقة بالإيمان، وجوّزوا أن يكون: ﴿وما أوتي موسى وعيسى﴾ في موضع رفع بالابتداء، وما أوتي الثانية عطف على ما أوتي، فيكون في موضع رفع. والخبر في قوله ﴿من ربهم﴾، أو لا نفرق، أو يكون: ﴿وما أوتي موسى وعيسى﴾ معطوفاً على المجرور قبله، ﴿وما أوتي النبيون﴾ رفع على الابتداء، و﴿من ربهم﴾ الخبر، أو لا نفرق هو الخبر. والظاهر أن من ربهم في موضع نصب، ومن لابتداء الغاية، فتتعلق بما أوتي الثانية، أو بما أوتي الأولى، وتكون الثانية توكيداً. ألا ترى إلى سقوطها في آل عمران في قوله: ﴿وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم﴾(٨٤)؟ ويجوز أن يكون في موضع حال من الضمير العائد على الموصول، فتتعلق بمحذوف، أي وما أوتيه النبيون كائناً من ربهم.
﴿بِمِثْلِ مَآ ءَامَنتُمْ بِهِ﴾ وأما قراءة الجمهور، فخرجت الباء على الزيادة، والتقدير: إيماناً مثل إيمانكم، كما زيدت في قوله: ﴿وهزّي إليك بجذع النخلة﴾(مريم: ٢٥).
وسود المحاجر لا يقرأن بالسور
﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾(البقرة: ١٩٥)، وتكون ما مصدرية. وقيل: ليست بزائدة، وهي بمعنى على، أي فإن آمنوا على مثل ما آمنتم به، وكون الباء بمعنى على، قد قيل به، وممن قال به ابن مالك، قال ذلك في قوله تعالى: من إن تأمنه بقنطار}(آل عمران: ٧٥)، أي على قنطار. وقيل: هي للاستعانة، كقولك: عملت بالقدوم، وكتبت بالقلم، أي فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم، وذلك فرار من زيادة الباء، لأنه ليس من أماكن زيادة الباء قياساً.
﴿وَنَحْنُ لَهُ﴾، وهو الله تعالى. وقيل: يعود على ما، وتكون إذ ذاك موصولة. وأما مثل، فقيل: زائدة، والتقدير: فإن آمنوا بما آمنتم به، قالوا: كهي في قوله: ﴿ليس كمثله شيء﴾(الشورى: ١١)، أي ليس كهو شيء، وكقوله:
فصيروا مثل كعصف مأكول
وكقوله:
يا عاذلي دعني من عذلكا
مثلي لا يقبل من مثلكها
وقيل: ليست بزائدة.


الصفحة التالية
Icon