وثعلب وجماعة من الكوفيين جواز كون الجملة تكون فاعلة، وأجازوا: يعجبني يقوم زيد، وظهر لي أقام زيد أم عمرو، أي قيام أحدهما، ومذهب الفراء وجماعة: أنه إن كانت الجملة معمولة لفعل من أفعال القلوب وعلق عنها، جاز أن تقع في موضع الفاعل أو المفعول الذي لم يسم فاعله وإلا فلا، ونسب هذا لسيبويه. قال أصحابنا: والصحيح المنع مطلقاً وتقرير هذا في المبسوطات من كتب النحو. ويحتمل أن يكون قوله: ﴿سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم﴾ مبتدأ وخبراً على التقديرين اللذين ذكرناهما إذا كانت جملة اعتراض، وتكون في موضع خبر إن، والتقديران المذكوران عن أبي علي الفارسي وغيره. وإذا جعلنا سواء المبتدأ والجملة الخبر، فلا يحتاج إلى رابط لأنها المبتدأ في المعنى والتأويل، وأكثر ما جاء سواء بعده الجملة المصدرة بالهمزة المعادلة بأم ﴿سواء علينا أجزعنا أم صبرنا﴾(إبراهيم: ٢١)، سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون}(الأعراف: ١٩٣)، وقد تحذف تلك الجملة للدلالة عليها، اصبروا أو لا تصبروا، سواء عليكم}(الطور: ١٦) أي أصبرتم أم لم تصبروا، وتأتي بعده الجملة الفعلية المتسلطة على اسم الاستفهام، نحو: سواء علي أي الرجال ضربت، قال زهير:
سواء عليه أي حين أتيته
أساعة نحس تتقي أم بأسعد
وقد جاء بعده ما عري عن الاستفهام، وهو الأصل، قال:
سواء صحيحات العيون وعورها
وأخبر عن الجملة بأن جعلت فاعلاً بسواء أو مبتدأة، وإن لم تكن مصدرة بحرف مصدري حملاً على المعنى وكلام العرب منه ما طابق فيه اللفظ المعنى، نحو: قام زيد، وزيد قائم، وهو أكثر كلام العرب، ومنه ما غلب فيه حكم اللفظ على المعنى، نحو: علمت أقام زيد أم قعد، لا يجوز تقديم الجملة على علمت، وإن كان ليس ما بعد علمت استفهاماً، بل الهمزة فيه للتسوية. ومنه ما غلب فيه المعنى على اللفظ، وذلك نحو الإضافة للجملة الفعلية نحو:
على حين عاتبت المشيب على الصبا