﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَلَ الْيَتَمَى ظُلْماً﴾ وانتصاب ظلماً على أنه مصدر في موضع الحال أو مفعول من أجله، وخبران هي الجملة من قوله: إنما يأكلون. وفي ذلك دليل على جواز وقوع الجملة المصدرة بأن خبراً، لأن وفي ذلك خلاف. وحسن ذلك هنا تباعدهما بكون اسم إنّ موصولاً، فطال الكلام بذكر صلته. وفي بطونهم: معناه ملء بطونهم يقال: أكل في بطنه، وفي بعض بطنه. كما قال:
كلوا في بعض بطنكم تعفوا
فإن زمانكم زمن خميص
والظاهر: تعلق في بطونهم بيأكلون، وقاله الحوفي. وقال أبو البقاء: هو في موضع الحال من قوله: ناراً.
وتضمنت هذه الآيات من ضروب البيان والفصاحة. الطباق في: واحدة وزوجها، وفي غنياً وفقيراً، وفي: قل أو كثر. والتكرار في: اتقوا، وفي: خلق، وفي: خفتم، وأن لا تقسطوا، وأن لا تعدلوا من جهة المعنى، وفي اليتامى، وفي النساء، وفي فادفعوا إليهم أموالهم، فإذا دعتم إليهم أموالهم، وفي نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وفي قوله: وليخش، وخافوا من جهة المعنى على قول من جعلهما مترادفين، وإطلاق اسم المسبب على السبب في: ولا تأكلوا وشبهه لأن الأخذ سبب للأكل.t وتسمية الشيء باسم ما كان عليه في: وآتوا اليتامى، سماهم يتامى بعد البلوغ. والتأكيد بالاتباع في: هنيئاً مريئاً وتسمية الشيء باسم ما يؤول اليه في: نصيب مما ترك، وفي ناراً على قول من زعم أنها حقيقة. والتجنيس المماثل في: فادفعوا فإذا دفعتم، والمغاير في: وقولوا لهم قولاً. والزيادة للزيادة في المعنى في: فليستعفف. وإطلاق كل على بعض في: الأقربون، إذ المراد أرباب الفرائض. وإقامة الظرف المكاني مقام الزماني في: خلفهم، أي من بعد وفاتهم. والاختصاص في: بطونهم، خصها دون غيرها لأنها محل للمأكولات. والتعريض في: في بطونهم، عرض بذكر البطون لحسنهم وسقوط هممهم والعرب تذم بذلك قال:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي


الصفحة التالية
Icon