﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ مِمَّا تَرَكَ الْوَلِدَنِ وَالأٌّقْرَبُونَ﴾ وكلّ لا تستعمل إلا مضافة، إما الظاهر، وإما المقدر، واختلفوا في تعيين المقدّر هنا، فقيل: المحذوف إنسان، وقيل: المحذوف مال. والمولى: لفظ مشترك بين معان كثيرة، منها: الوارث وهو الذي يحسن أن يفسر به هنا، لأنه يصلح لتقدير إنسان وتقدير مال، وبذلك فسر ابن عباس وقتادة والسدي وغيرهم: أن الموالي العصبة والورثة، فإذا فرّ عنا على أنّ المعنى: ولكلّ إنسان، احتمل وجوهاً:
أحدها: أن يكون لكلّ متعلقاً بجعلنا، والضمير في ترك عائد على كل المضاف لإنسان، والتقدير: وجعل لكل إنسان وارثاً مما ترك، فيتعلق مما بما في معنى موالي من معنى الفعل، أو بمضمر يفسره المعنى، التقدير: يرثون مما ترك، وتكون الجملة قد تمت عند قوله: مما ترك، ويرتفع الولدان على إضمار كأنه قيل: ومن الوارث؟ فقيل: هم الوالدان والأقربون ورّاثاً، والكلام جملتان.
والوجه الثاني: أن يكون التقدير وجعلنا لكل إنسان موالي، أي ورّاثاً. ثم أضمر فعل أي: يرث الموالي مما ترك الوالدان، فيكون الفاعل بترك الوالدان. وكأنه لما أبهم في قوله: وجعلنا لكل إنسان موالي، بيَّن أن ذلك الإنسان الذي جعل له ورثة هو الوالدان والأقربون، فأولئك الورّاث يرثون مما ترك والداهم وأقربوهم، ويكون الوالدان والأقربون موروثين. وعلى هذين الوجهين لا يكون في: جعلنا، مضمر محذوف، ويكون مفعول جعلناه لفظ موالي. والكلام جملتان.


الصفحة التالية
Icon