﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ ءَامَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأٌّخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ﴾ ظاهر هذا الكلام أنه ملتحم لحمة واحدة، والمراد بذلك: ذمّهم وتوبيخهم وتجهيلهم بمكان سعادتهم، وإلا فكل الفلاح والمنفعة في اتصافهم بما ذكر تعالى. فعلى هذا الظاهر يحتمل أن يكون الكلام جمليتن، وتكون لو على بابها من كنهنا حرفاً لما كان سيقع لوقوع غيره، والتقدير: وماذا عليهم في الإيمان بالله واليوم الآخر والإنفاق في سبيل الله لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله لحصلت لهم السعادة. ويحتمل أن يكون جملة واحدة، وذلك على مذهب من يثبن أن لو تكون مصدرية في معنى: أن كأنه قيل: وماذا عليهم أن آمنوا، أي في الإيمان بالله، ولا جواب لها إذ ذاك، فيكون كقوله:
وماذا عليه أن ذكرت أوانساً
كغزلان رمل في محاريب أقيال
قالوا: ويجوز أن يكون قوله: وماذا عليهم، مستقلاً لا تعلق به بما بعده، بل ما بعده مستأنف. أي: وماذا عليهم يوم القيامة من الوبال والنكال باتصافهم بالبخل وتلك الأوصاف المذمومة، ثم استأنف وقال: لو آمنوا، وحذف جواب لو. وقال ابن عطية: وجواب لو في قوله: ماذا، فهو جواب مقدم انتهى. فإن أراد ظاهر هذا الكلام فليس موافقاً لكلام النحويين، لأن الاستفهام لا يقع جواب لو، ولأن قولهم: أكرمتك لو قام زيد، إن ثبت أنه من كلام العرب حمل على أكرمتك دال على الجواب، لا جواب كما قالوا في قولهم: أنت ظالم إن فعلت. وإن أراد تفسير المعنى فيمكن ما قاله.
وماذا: يحتمل أن تكون كلها استفهاماً، والخبر في عليهم. ويحتمل أن يكون ما هو الاستفهام، وذا بمعنى الذي وهو الخبر، وعليهم صلة ذا. وإذا كان لو آمنوا بالله واليوم الآخر من متعلقات قوله: وماذا عليهم، كان في ذلك تفجع عليهم واحتياط وشفقة، وقد تعلقت المعتزلة بذلك.