﴿غَيْرَ مُحِلِّى الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ﴾ قرأ الجمهور غير بالنصب. واتفق جمهور من وقفنا على كلامه من المعربين والمفسرين على أنه منصوب على الحال. ونقل بعضهم الإجماع على ذلك، واختلفوا في صاحب الحال. فقال الأخفش: هو ضمير الفاعل في أوفوا. وقال الجمهور، الزمخشري، وابن عطية وغيرهما: هو الضمير المجرور في أحلّ لكم. وقال بعضهم: هو الفاعل المحذوف من أجل القائم مقامه المفعول به، وهو الله تعالى. وقال بعضهم: هو ضمير المجرور في عليكم. ونقل القرطبي عن البصريين أن قوله: إلا ما يتلى عليكم، هو استثناء من بهيمة الأنعام. وأنّ قوله: غير محلى الصيد، استثناء آخر منه. فالاستثناءان معناهما من بهيمة الأنعام، وفي المستثنى منه والتقدير: إلا ما يتلى عليكم إلا الصيد وأنتم محرمون، بخلاف قوله: ﴿إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين﴾ على ما يأتي بيانه وهو قول مستثنى مما يليه من الاستثناء. قال: ولو كان كذلك لوجب إباحة الصيد في الإحرام، لأنه مستثنى من المحظور إذا كان إلا ما يتلى عليكم مستثنى من الإباحة، وهذا وجه ساقط، فإذا معناه: أحلت لكم بهيمة الأنعام غير محلى الصيد وأنتم حرم إلا ما يتلى عليكم سوى الصيد انتهى. وقال ابن عطية: وقد خلط الناس في هذا الموضع في نصب غير، وقدروا تقديمات وتأخيرات، وذلك كله غير مرضي، لأن الكلام على اطراده متمكن استثناء بعد استثناء انتهى كلامه. وهو أيضاً ممن خلط على ما سنوضحه.
فأمّا قول الأخفش: ففيه الفصل بين ذي الحال والحال بجملة اعتراضية، بل هي منشئة أحكاماً، وذلك لا يجوز.


الصفحة التالية
Icon