(فإن قلت): فأين المفعول الأول في الآية؟ (قلت): هو محذوف، والظرف الذي هو على آثارهم كالسادّ مسده، لأنه إذا قفي به على أثره فقد قفي به إياه انتهى. وكلامه يحتاج إلى تأويل، وذلك أنه جعل قفيته المضعف بمعنى قفوته، فيكون فعل بمعنى فعل نحو: قدر الله، وهو أحد المعاني التي جاءت لها فعل، ثم عداه بالباء، وتعدية المتعدي لمفعول بالباء لثان قلّ أن يوجد، حتى زعم بعضهم أنه لا يوجد. ولا يجوز فلا يقال: في طعم زيد اللحم، أطعمت زيداً باللحم، والصحيح أنه جاء على قلة تقول: دفع زيد عمراً، ثم تعديه بالباء فتقول: دفعت زيداً بعمر. وأي: جعلت زيداً يدفع عمراً، وكذلك صك الحجر الحجر. ثم تقول: صككت الحجر بالحجر أي جعلته يصكه. وأما قوله: المفعول الأول محذوف الظرف كالساد مسده فلا يتجه، لأنّ المفعول هو مفعول به صريح، ولا يسد الظرف مسده، وكلامه مفهم التضمين وإن لم يصرح به. ألا ترى إلى قوله: لأنه إذا قفى به أثره فقد قفى به إياه؟ وقول الزمخشري: فقد قفى به إياه فصل الضمير، وحقه أن يكون متصلاً، وليس من مواضع فصل لو قلت: زيد ضربت بسوط إيتاه لم يجز إلا في ضرورة شعر، فإصلاحه زيد ضربته بسوط، وانتصب مصدقاً على الحال من عيسى.
﴿وَءَاتَيْنَهُ الإِنجِيلَ﴾ جملة معطوفة على قوله وقفينا.
﴿فِيهِ هُدًى وَنُورٌ﴾ وقوله: فيه هدى ونور، في موضع الحال، وارتفاع هدى على الفاعلية بالجار والمجرور، إذ قد اعتمد بأن. وقع حالاً لذي حال أي: كائناً فيه هدى. ولذلك عطف عليه ﴿ومصدقاً لما بين يديه من التوراة﴾ والضمير في يديه عائد على الإنجيل.


الصفحة التالية
Icon