قوله: بما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وبأن أكثركم فاسقون، والجر على أنه معطوف على علة محذوفة التقدير: ما تنقمون منا إلا الإيمان لقلة إنصافكم وفسقكم. ويدل عليه تفسير الحسن بفسقكم نقمتم ذلك علينا. فهذه سبعة وجوه في موضع إن وصلتها، ويظهر وجه ثامن ولعله يكون الأرجح، وذلك أنّ نقم أصلها أن تتعدّى بعلى، تقول: نقمت على الرجل أنقم، ثم تبنى منها افتعل فتعدّى إذ ذاك بمن، وتضمن معنى الإصابة بالمكروه.
قال تعالى: ﴿ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام﴾ ومناسبة التضمين فيها أنّ من عاب على شخص فعله فهو كاره له لا محالة ومصيبه عليه بالمكروه، وإن قدر، فجاءت هنا فعل بمعنى افتعل لقولهم: وقد رأوه، ولذلك عدّيت بمن دون التي أصلها أن يعدي بها، فصار المعنى: وما تنالون منا أو وما تصيبوننا بما نكره إلا أن آمنا أي: لأنْ آمنا، فيكون أن آمنا مفعولاً من أجله، ويكون وإن أكثركم فاسقون معطوفاً على هذه العلة، وهذا ـ والله أعلم ـ سبب تعديته بمن دون على.
﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ﴾ وانتصب مثوبة هنا على التمييز، وجاء التركيب الأكثر الأفصح من تقديم المفضل عليه على لتمييز كقوله: ﴿ومن أصدق من الله حديثاً﴾ وتقديم التمييز على المفضل أيضاً فصيح كقوله: ﴿ومَن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله﴾.
ومن في موضع رفع كأنه قيل: من هو؟ فقيل: هو من لعنه الله. أو في موضع جر على البدل من قوله: بشّر. وجوّزوا أن يكون في موضع نصب على موضع بشر أي: أنبئكم من لعنه الله.


الصفحة التالية
Icon