﴿وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وليمسنّ: اللام فيه جواب قسم محذوف قبل أداة الشرط، وأكثر ما يجيء هذا التركيب وقد صحبت أن اللام المؤذنة بالقسم المحذوف كقوله: ﴿لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم﴾ ونظير هذه الآية: ﴿وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين﴾ ومثله: ﴿وإن أطعتموهم إنكم لمشركون﴾ ومعنى مجيء إن بغير باء، دليل على أنه قبل إنْ قسم محذوف إذ لولا نية القسم لقال: فإنكم لمشركون ومن في منهم للتبعيض، أي كائناً منهم، والربط حاصل بالضمير، فكأنه قيل: كافرهم وليسوا كلهم بقوا على الكفر، بل قد تاب كثير منهم من النصرانية. ومن أثبت أنّ مَن تكون لبيان الجنس أجاز ذلك هنا، ونظره بقوله: ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان﴾.
﴿أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ﴾ والفاء في أفلا للعطف، حجزت بين الاستفهام ولا النافية، والتقدير: فألا. وعلى طريقة الزمخشري تكون قد عطفت فعلاً على فعل، كأن التقدير: أيثبتون على الكفر فلا يتوبون.
﴿وأمه صديقة﴾ هذا البناء من أبنية المبالغة، والأظهر أنه من الثلاثي المجرد، إذ بناء هذا التركيب منه سكيت وسكير، وشريب وطبيخ، من سكت وسكر، وشرب وطبخ. ولا يعمل ما كان مبنياً من الثلاثي المتعدي كما يعمل فعول وفعال ومفعال، فلا يقال: زيد شريب الماء، كما تقول: ضراب زيداً.


الصفحة التالية
Icon